صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/209

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٢٠٨ -


قلاقـل في طرابلس:


اللقاء بين الأغالبة والطولونيين:


منذ سنة (٢٦٥هـ/۸۷۸-۸۷۹م) بدأت المتاعب الحقيقية تواجه الأمير وذلك عنادما فكر العباس بن أحمد بن طولون في الاستقلال عن والده بإمارة يقتطعهـا لنفسه في برقة التي كانت في عمالة مصر وقتئذ ويضيف إليها ما يمكن إضافته من طرابلس والأقاليم الشرقية من إمارة الأغالبة. وفي الوقت الذي استقر فيه العباس فـي برقة حل القحط العظيم الذي أصاب إفريقية سنة ٢٦٦هـ / ۸۷۹م، مـا أدى إلى الغلاء الشديد.

مسير العباس إلى برقة:


انتهز العباس فرصة غياب والده في الشام وقام بانقلاب آزره فيه عدد من كبـار القواد، فاستولى على ما كان في بيت المال في مصر، وقبض على وزير والده أحمد بن محمد الكاتب، وسيّره معه مقيداً في اتجاه برقـة 1 التي وصل إليها في ثمانمائة فارس، وعشرة آلاف راجل من السودان، منهم خمسة آلاف جمل، في شهر ربيع الأول سنة ٢٦٥هـ/ نوفمبر ۸۷۸م 2 .

وأخذ العباس يكاتب روساء القبائل البربرية في طرابلس، وقد استجاب لـه بعضهم لأنهم كانوا يقفون موقف المعارضة من الدولة الأغلبية لأنهم كانوا يدينون بمذهب الخوارج الإباضية، وامتنع بعضهم منه. وتقول رواية ابن الأثير أن العبـاس حاول التغرير بإبراهيم بن أحمد فكتب إليه يقول: "إن أمير المؤمنين قلدني أمر إفريقية وأعمالها"3 وهو الأمر الغريـب.

إبراهيم يرسل قائده ابن قرهب إلى طرابلس:


ونتيجة لاستجابة بعض زعماء البربر، تشجع العباس على المسير نحو لبدة شـرق طرابلس. وعندما وصل إلى إبراهيم بن أحمد نبأ مسير العباس، أسرع بإرسال قائــده أحمد بن قرهب، في ألف وستمائة فارس، خيلاً مجردة "لا رجل فيها" كما تقول روايـة


  1. انظر، ابن عذاري، البیان، ج ۱، ص ۱۱۸.
  2. انظر، ابن عذاري، البیان، ج ۱، ص ۱۱۸، ابن تغري بردي، النجوم، ج ۳، ص ٤٠، أحداث سنة ٢٦٥.
  3. ابن الأثير، أحداث سنة ٢٦٥، ج ۷، ص ٣٢٤.