صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/210

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٢٠٩ -

ابن عذاري، وأمره بالإسراع ليلاً نحو طرابلس، التي دخلها قبل وصول العباس إلى لبدة1، وعمل ابن قرهب في طرابلس على حشد مايمكنه حشده من جنـد طرابلس، ومن بربر المنطقة المجاورين، وأسرع في اتجاه لبدة التي دخلها قبـل أن تصلها مقدمة القوات الطولونية2.

اللقاء بين الأغالبة والطولونيين:


خرج ابن قرهب بفرسانه من لبدة متجهاً نحو الشرق، حيث ظهرت له طلائع قوات العباس بن أحمد بن طولون على بعد خمسة عشر ميلاً من لبـدة، في موضع يسميه الرقيق الذي ينقله النـويـري "ورداسة" ورغم أن العباس لم يزحـف نحو لبدة إبا بثمانمائة فارس فقط، ومعهم خمسة آلاف راجل من السودان، إلا أن الخدعة التي قام بها عندما جعل نصف رجالته السودان وهم خمسة آلاف رجـل يركبون الجمال، وهم يحملون البنود التي صنعها في برقة، ويزحفون وراء القطعـة الرئيسية من الجيش، نجحت في تحقيق هدفه.

فقد خلف ابن قرعب بعد مناوشة بسيطة، وانهزم تحو طرابلس، وهو يظـن أن من بدأ قتلهم لم يكونوا سوى مقدمة الجيش المصري 3 .

الجيش الطولوني يدخل لبدة ويحاصر طرابلس:


وبذلك، استمر العباس في سيره نحو إفريقية، وفتح حصن لبـدة أبوابه لــه دون قتال في جمادى الأولى سنة ٢٦٦هـ/ ديسمبر ۸۷۱م – يناير ٨٨٠م، ولكــن رجاله أساءوا معاملة أهل لبدة ونهبوهم4.

وفي لبدة تتبع العباس المنهزمين من عسكر ابن قرهب إلى طرابلس، فنزلهـا وضرب عليها الحصار، ونصب عليها المجانيق كما تقول رواية ابن عذاري وضيـق عليها الخناق، ثلاثة وأربعين يوماً، وكان السودان من رجاله يغيرون في هـذه الأثناء، على أهل البوادي، ويسيئون معاملتهم، "حتى اعتدوا على الحرم وهتكوا


  1. انظر، ابن عذاري، البیان، ج ١، ص ۱۷۰.
  2. ابن عذاري، البیان، ج ١، ص ۱۱۸.
  3. انظر النويري، المخطوط، ج ۲۲، ص ١١٨أ، ابن عذاري، البيـان ج ۱، ص ۱۱۸.
  4. ابن الأثير، الكامل، ج ۷، ص ٣٢٤، أحداث سنة ٢٦٥.