صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/230

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٢٣٠ -

ابن أبي الصارم وانسحبا إلى مدينة توزر. وتتبعتهم الخيل إلى هناك وهي تحرق القرى وتفسد ما مرت به من النعم. واتبع الداعي ذلك بالاستيلاء على قفصة عاصمة بلاد الجريـد.

ولما وصل الخبر إلى رقادة بمعاودة رجال الداعي الشيعي لنشاطهم، ارتجت الحاضرة، وهال زيادة الله الامر واضطربت أحوال الجند، وانتاب الجميـع اليأس وخافوا على ذراريهم وأهلهم من السبي والاسترقاق 1.

سقوط الأربـس:


وأخيرا سقطت الأربس في ٢٤ جمادی الأخيرة سنة ٢٩٦هـ / ١٨ مارس ١٠٦م، وانهزم إبراهيم بن أبي الأغلب (واليها) في عساكر إفريقية وجمهور أجنادها، ودخل الشيعي المدينة بالسيف عنوة 2. ولجأ أهل الأربس وفلول العسكر إلـى مسجد المدينة - الذي غص بمن فيه، وانتهى الأمر بأن أمر الشيعي بقتلهم أجمعين، وتبالغ رواية ابن عذاري عندما تنص على أن عدد من قتلتهم كتامة بأمر الشيعي داخل المسجد بلغوا ثلاثين ألفاً، وكان قتلهم من بعد صلاة العصر إلى آخـر الليل، حتى أن الدماء كانت تسيل من أبواب المسجد كما يسيل الماء من وابـل الغيث 3.

ولم يبق العسكر الشيعي في الأربس، فعندما جاء الصباح وقد انتهـى أصحاب أبي عبد الله من القتل والنهب والسلب نادى بالرحيل قافلاً إلى مدينـة باغايـة خشية أن يحاشد عليه (أي يجتمع عليه) أهل افريقيـة 4.

رحيل زيادة الله عن رقـادة:


عندما وصل خبر الهزيمة إلى زيادة الله، سقط ما بيده، وعلم أنها نهايـة ملكه. وأخذ يستعد للرحيل، وأعلن في أهل القيروان أن الأخبار أئته بالنصر علـى الشيعي، إلا أن أهل القيروان سرعان ماعلموا أن الدائرة كانت على أصحاب زيادة الله، وماجوا فيما بينهم، وجعلت الخاصة وأهل الخدمة يفرون من رقـادة5 .


  1. ابن عذاري، البيان، ج ۱، ص ١٤٥.
  2. ابن عذاري، ج ۱، ص ١٤٦.
  3. ابن عذاري، البيان، ج ۱، ص ١٤٦ - ١٤٧.
  4. ابن عذاري، البيان، ج ۱، ص ١٤٧.
  5. ابن عذاري، البيان، ج ۱، ص ١٤٧.