وأخذ زيادة الله في شد الأحمال بما خف من الجوهر والمال. ولما كان وقـت صلاة العتمة، وفي ليلة الإثنين ٢٥ من جمادى الآخرة ركب فرسه وتقلد سيفـه وجعل الأحمال تمر أمامه وقد حمل من يعز عليه من أمهات أولاده ومعـه وجــوه رجاله وفتيانه وعبيده، وخرج عن مدينة رقـادة، في ثلث الليل الأول متجهاً إلى مصر، وتوقف في طرابلس حيث أقام فيها أكثر من اسبوعين 1.
وفي صبيحة اليوم الذي خرج فيه زيادة الله عن رقادة، انتهبت المدينـة، وأخذ الناس من بقايا أموال بني الأغلب ومتاعهم وصنوف الآنية من الذهب والفضة ما لا يحيط به وصـف 2.
محاولة إبراهيم بن أبي الأغلب تقلد الإمارة في رقادة:
تنص رواية ابن عذاري، على أن إبراهيم بن أبي الأغلب المنهزم في الأربس قدم إلى القيروان فيمن بقي معه من القواد فنزل بدار الإمارة، وبعث يستقدم وجوه الناس، وانتقد في وجودهم تصرفات زيادة الله، الذي أسند أمر المسلميـن إلى "من كان يسعى في زوال ملكه" وطلب من الناس الإخلاص له وإمداده بالرجال والأموال، وأخذ لنفسه البيعة بالإمارة في المسجد الجامع بعد صلاة الظهر إلا أن عامة الناس الذين كانوا قد ملوا الحرب، ثاروا به وبينوا له أنه قد عجز عن دفع كتامة بالعساكر والسلاح والمال، فكيف يقوى على دفعهم بدون أموال… ثم صاحوا "لا طاعة لك علينا، ولا بيعة في أعناقنـا، فاخرج عنا" واضطروه هو ومن معه إلى ركوب خيلهم والنجاة بأنفسهم عن طريق الخروج من باب أبي الربيع، ثم أنهم لحقـوا بزيادة الله 3.
وعندما لحق إبراهيم بن أبي الأغلب بزيادة الله، وعلم الأخير بما كان يضمـره إبراهيم من أخذ البيعة لنفسه بالإمارة في القيروان سخط عليه، وهرب إبراهيم إلــى الإسكندرية واستجار بعاملها الذي أرسله الى والي مصر النوشري، حيث حذره مـن طمع زيادة الله في مصر ولهذا لم يحسن النوشري استقبال زيادة الله، الذي لم يقم