وقعة الزاب ونهاية مروان بن محمد:
كان مروان بن محمد حتى ذلك الوقت يدافع عن خلافته، كما أن يزيد بن هبيرة لم يكن قد استسلم بعد وكان لا بد للمسودة من القضاء عليهما.
وكانت الجيوش العباسية التي تعمل في أعالي دجلة تحت قيادة أبي عـون عبد الملك بن يزيد الأزدي الذي عينه قحطبة، ولكنه بعد سقوط الكوفة أعفي من القيادة، التي أعطيت الى عم الخليفة، أبي العباس عبد الله بن علي بن عباس. وتقدم مـروان بن محمد على رأس جيش قوي للقاء الخراسانية الذين وصلتهم الإمدادات من أبـي سلمة الخلال، ومن أبي العباس، التقى بهم على الضفة اليسرى لنهر الزاب، ودام القتال بين الطرفين تسعة أيام أحرز مروان خلالها بعد الانتصارات، ولكن الأمر انتهى بوقوع الاضطراب في جيشه إذ كانت كل عصبية تريد أن تتقدم العصبية الأخرى، وأعقب ذلك هزيمة مروان نتيجة لخطأ استراتيجي، اذ عقد جسراً على النهر وعبره رغم معارضة وزرائه في ذلك وترتب على هذا الخطأ أن انقطع الجسر عند الانهزام وكان من غرق يومئذ أكثر ممن قتل وذلك في ١١ جمادى الثاني من سنة ١٣٢هـ ٢٦ يناير ٧٥٠م.
وفر مروان إلى الموصل بعد هزيمة الزاب، ولكنه استقبل استقبالاً سيئاً، فسار إلى حران، وأقام بها أكثر من عشرين يوماً. وعندما تبعه عبد الله بن علي إلى هناك، مضى إلى حمص. ولكن مدن الشام كانت قد بدأت تخلع طاعتها بالنسبة للأموييـــن وتسقط بين أيدي العباسيين، مدينة بعد أخرى، مثل: قنسرين وحمص وبعلبـك، ولم تدافع إلا دمشق بعض الوقت، فدخلت عنوة في ٥ رمضان سنة ١٣٢هـ / ١٧ نوفمبر سنة ٧٥٠م، بعد أن حوصرت وضيق عليها الخناق.
وتابع العباسيون مطاردة مروان، إذ سار في اثر صالح بن علي من أبي فطرس إلى العريش إلى النيل ثم واصل سيره إلى صعيد مصر. وفي بلدة بوصير من قـــــــــری الفيوم، حاول مروان الاختفاء في إحدى الكنائس1 ولكنهم "بايتوه وهجموا علـى
- ↑ انظر، ابن الأثير، الكامل مع ٤، ۳۳۰ - ۳۳۱.