أهل الإسلام كتاباً يتلى عليهم فقال تبارك وتعالى فيما أنزل من محكم كتابه: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ وقال تعالى: ﴿قُل لَّآ أَسْـَٔلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا ٱلْمَوَدَّةَ فِى ٱلْقُرْبَىٰ ۗ﴾… فأعلمهم جل ثناؤه فضلنا وأوجـب عليهم حقنا ومودتنا، وأجزل من الفيء والغنيمة نصيبنا تكرمة لنا وفضلاً علينا والله ذو الفضل العظيم… وزعمت السبئية الضلال أن غيرنا أحق بالرياسة والسياسة والخلافة منا فشاهت وجوههم بم ولم أيها الناس؟ وبنا هدى الله الناس ضلالتهم وبصرهم بعد جهالتهم وأنقذهم بعد هلكتهم، وأظه ربنا الحق ورخـــص الباطل. أصلح بنا منهم ما كان فاسداً… فتح الله ذلك منه وبهجة لمحمد صلى الله عليه وسلم. فلما قبضه الله إليه وقام بالأمر بعده أصحابه وأمرهم شورى بينهم حـووا مواريث الأمم فعدلوا فيها ووضعوها مواضعها وأعطوها أهلها… ثم وثب بنو حرب وبنو مروان فأنبذوها وتداولوها فجاروا فيها واستأثروا بها وظلموا أهلها بما مـلأ الله لهم حيناً حتى أسفوه فلما أسفوه انتقم منهم بأيدينا ورد علينا حقنا وتدارك بنـا أمتنا وولى مصرنا والقيام بأمرنا، ليمن بنا على الذين استضعفوا في الأرض، وختم بنا كما افتتح بنا.
يا أهل الكوفة أنتم محل محبتنا ومنزل مودتنا، أنتم الذين لم تتخيروا عن ذلك ولم يثنكم عنه تحامل أهل الجور عليكم حتى أدركتم زماننا وأتاكم الله بدولتنا فأنتم أسعـد الناس بنا وأكرمهم علينا، وقد زدتكم في أعطياتكم مائة درهم فاستعدوا فأنا السفـاح الهائج والثائر المبير"1.
وأثناء الخطبة تملكته الحمى، فاضطر أن يقطع أول خطبة له فوق المنبر. ولكن عمه داود بن علي تكلم نيابة عنه، ومن بين ما قاله في خطبته: "لقد كانت أموركم ترمضنـا ونحن على فرشنا وتشتد علينا سوء سيرة بني أمية فيكم واستنزالهم بكــــم واستئثارهم بفيئكم وصدقاتكم ومغانمكم عليكم، لكم ذمة الله تبارك وتعالى وذمة رسوله
صلى الله عليه وسلم. وذمة العباس رحمه الله علينا أن نحكم فيكم بما أنزل الله ونعمـل
- ↑ انظر، الطبري، تاريخ الرسل والملوك، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم، طبع دار المعارف، مصر ١٩٦٦، ج ۷، ص ٤٢٥ - ٤٢٦.