أثره الخطير بالنسبة للدولة الإسلامية من الناحيتين السياسية والحضارية. فمن الناحية السياسية انتهت دولة الخلافة وتقسمت الدولة الى ذلك العدد الكبير من الـدول المعروفة في المغرب وفي المشرق وحاول الأتراك العثمانيون أن يعيدوا هذه الوحـدة وقد نجحوا إلى حد ما.
أما من الناحية الحضارية فكان سقوط بغداد يعني توقف العلوم والحضـارة العربية الإسلامية. وتلى هذا التوقف فترة من التدهور والاضمحلال استمرت إلى وقت قريب عندما بدأ العرب المسلمون يفيقون من ثباتهم هذا في الوقت الذي كانت فيـه أوربا تنهض من الناحيتين السياسية والحضارية فبدأت الفترة الحديثة الحالية في تاريخ الإسلام التي نسميها فترة النهضة.
أما عن السمات التي تميزت بها الدولة العباسية ففي مقدمتها أن الدولـة اتخذت سياسة شرقية على عكس الدولة الأموية التي كانت تتجه في سياستها العامة اتجاهاً غربياً والمثل لذلك هو أن بلاد المغرب كانت أول البلاد التي خرجت علـى سلطان الخلافة العباسية وبدأت حركة المد الإسلامي في بلاد المغرب تفقد قوتها، كما بدأ ينكمش أمام ضغط أوربا المتزايد.
وفيما يتعلق بخلفاء الدولة العباسية فقد اعتبروا أنفسهم ورثة النبي صلى الله عليه وسلم الذين يسيرون بالجماعة الإسلامية في الطريق القويم المستقيم. واذا ما تأملنـا في كتب التاريخ نجد أن الكتاب يؤكدون حرمة وقداسة الخليفة العباسي سليل بيـت النبوة بينما يظهرون خلفاء بني أمية بمظهر الزعماء غير المتدينين ويبالغون في وصـف رذائلهم. ويمكن أن نفسر ن ذلك بأن معظم الكتاب الذين كتبوا عن تاريخ الدولة الأموية إنما دوّنوا مصنفاتهم تلك، على أيام العباسيين ولهذا السبب لا نتوقع منهم أن يسجلـوا أمجاد أسرة انمحت واندثرت. وصورة الخليفة العباسي عند هؤلاء الكتاب أشبـه ما تكون بصورة كسرى فارس فهو يتمتع بكثير من الأبهة والفخامة والرونق والعظمـة، كما تحيط به مظاهر الترف والتحضر. فقد زخر بلاط الخليفة بأهل العلم والفقه من يتصفون بالورع والتقوى، إلى جانب الأدباء والمغنين والشعراء، والأطباء الأخيار، والقضاة، وكذلك المشعوذين والمنجمين. وشهدت، كما يقول ديمومبين ليالي بغداد الساحرة محافل الخلفاء ومجالسهم، فبعد صلاة العشاء الورعة تنشد الأغاني وتدار كورس الـراح خلال ذلك. ويسطر الجو بأنسام عبقة تتصاعد من المبخرات، ويختل على رنين قطـــــــرات الينابيع ويهتز الجو طرباً للأصوات القوية المفردة المنبعثة عن أفواه المغنيات وألحان