من الخليفة وأنه متوجه لتقلد ولايته، وعندئذ حشي أهل الشام من الخراسانية أصحاب أبي مسلم، على ديارهم وطلبوا أن يسيروا إلى بلادهم لحمايتها. وكـــان عبد الله يعلم أن ما أعلنه أبو مسلم لم يكن إلا خدعة، وأنه لا بد أن يناسبه القتال. ولكن أهل الشام لم يقتنعوا بذلك فقرر عبد الله الرحيل معهم نحو الشام. وعندئذ تحول أبو مسلم فنزل في معسكر عبد الله بن علي في الموضع الحصين. وغور ما حولـه من المياه وألقى فيها الجيف، واضطر عبد الله والشاميون إلى النزول في موضع عسکر أبي مسلم واستمر الصراع بين الفريقين مدة طويلة زادت إلى أكثر من خمسة أشهر. وكان أهل الشام أكثر فرساناً، ورغم حصانة المواقع التي احتلها أبو مسلم فإن الشاميين، استطاعوا بعد شهر من المناوشات من توجيه هجمة قوية نحو المعسكر العباسي وتمكنوا من زحزحته عن مواضعه.
وتشير النصوص إلى مهارة أبي مسلم في تسيير دفة القتال فقد أقام عريــــش، كان يجلس عليه فينظر إلى رجاله فإذا رأى خللاً في بعض صفوفه أرسل الرسل إلـى مختلف القواد لاتخاذ الموقف المناسب.
ولم يستطع أهل الشام أن يستفيدوا من ذلك النجاح المحقق الذي أحـــــــرزوه. وفي شهر جمادى الثاني سنة ١٣٧هـ، دارت المعركة الحاسمة ويتلخص تكتيك هذه الموقعة في أن أبا مسلم أمر الحسن بن قحطبة أن يعبيء الميمنة أكثرها إلى الميسرة وأن يترك في الميمنة جماعة أصحابه وأشداءهم، ولما رأى ذلك أهل الشام كشفوا ميسرتهم وانضموا إلى ميمنتهم بازاء ميسرة أبي مسلم، وهنا أمر أبو مسلم أهل القلـب والميمنة أن يهجموا على ميسرة أهل الشام، ونجحت هذه الخطة وانهزم أصحـاب عبد الله وتركوا عسكرهم.
اكتفى أبو مسلم بالانتصار فأعلن الأمان في الناس وأمر بعدم الانتقام من المنهزمين ولما كتب إلى المنصور يعلمه بالنصر وبالاستيلاء على معسكر عبد الله أرسل المنصــور مولاه ليحصي الغنائم. وكان ذلك من الأسباب التي أثارت غضب أبو مسلم، وعملت على زيادة الجفوة بينه وبين الخليفة. تقول الرواية أن أبا مسلم قال: "أنـا أميـن