سلطانه، فعرض عليه أن يوليه بلاد الشام ومصر، وطلب إليه أن يسير إلى ولايته الجديدة، وشعر أبو مسلم بما يضمره له الخليفة فلم يقبل ماعرض عليه، وقرر العودة إلى ولايته خراسان، ولكن المنصور رغبه ورعبه واتصل بنائب أبي مسلم في خراسان الذي هدد أبا مسلم وجعله يخضع لأوامر الخليفة. وبفضل إغراء بعض أصحابه سـار أبو مسلم إلى المنصور ليعتذر له عما بدر منه، وكان المنصور في ذلك الوقت قد سـار من الأنبار إلى المدائن (لينظر مكان العاصمة الجديدة)1. وقابل رجال المنصور، أبا مسلم قبولاً حسنا، وأظهروا له آيات الإجلال وطمأنوه. ثم دخل أبو مسلم علــى المنصور، فأقبل عليه الخليفة يعاتبه، ويعدد له هفواته وسقطاته. واعتذر أبـو مسلم عن ذلك ببلائه وماكان منه، وما قام به فكان رد المنصور: "يا ابن الخبيثة والله لو كانت أمة مكانك لأجزأت إنما عملت في دولتنا وبريحنا فلو كان ذلك إليـك ما قطعت فتيلاً"2. وأمر به فقتل تحت ناظريه في ٢٥ شعبان سنة ١٣٧هـ3.
وتقول النصوص أن جعفر بن حنظلة لما نظر إلى أبي مسلم مقتولاً قال للمنصـور: "يا أمير المؤمنين عد من هذا اليوم خلافتك"4.
وبعد مقتل المنصور لأبي مسلم خطب الناس وحذرهم من الخروج من أُنس الطاعة إلى وحشة المعصية وبرر موقفه من الرجل الذي أبلى في سبيلهم أحسن البلاء بقوله: "ولم يمنعنا الحق له من إمضاء الحق فيه"5.
الموقف في خراسان عقب مقتل أبي مسلم:
ثـورة سنهـاذ:
لم يمر موت أبي مسلم بسلام وذلك أنه قامت بخراسان ثورة تطالب "بدم أبـي
- ↑ ابن الأثير، الكامل، ج ٤، ص ٣٥٠ – ٣٥١.
- ↑ ابن الأثير، الكامل، ج ٤، ص ٣٥٢ - ٣٥٤.
- ↑ ابن الأثير، ج ٤، ص ٣٥٤، وقارن المسعودي، مروج الذهب، ج ٤، ص ١٤٢ إذ يقول: "وكان قتله في شعبان من سنة ست وثلاثين ومائة، وفيها كانت بيعـة المنصور وهزيمة عبد الله بن علي".
- ↑ نفس المصدر السابق، ص ٣٥٥.
- ↑ ابن الأثير، ج ٤، ص ٣٥٦.