صفحة:محاضرات في تاريخ الدولة العباسية.pdf/55

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٥٤ -

مسلم". هذه الحركة تزعمها رجل من إحدى قرى مدينة نيسابور، اسمه "سنبـاذ". واستجاب لدعوة هذا الرجل التي قالت بعودة أبي مسلم "وأنه لم يمت ولن يموت حتى يظهر فيملأ الأرض عدلا"1 كثير من الناس.

واستطاع سنباذ أن يستولي على نيسابور وقومس والـري. وأتى بالكثير من أعمال العنف والتخريب والنهب. ولكن جيوش الخليفة تمكنت من هزيمته بين همذان والري وانتهى الأمر بمقتله2.

ولكن هذا لا يعني خضوع خراسان إذ ستظل البلاد أرضاً خصبة صالحة لقيـام الحركات المعادية للدولة. إذ تقول الرواية أنه في سنة ١٤١هـ قام الراوندية من أهل خراسان ممن يدينون بأفكار أبي مسلم ويعتقدون بتناسخ الأرواح، ونادوا بألوهية المنصور. وساروا من خراسان إلى الهاشمية. وحاول الخليفة أن يستعمل معهم الليـن والسياسة ولكنه لم يوفق في ذلك مما اضطره إلى التشدد معهم واستعمال العنـف والقوة. فحبس زعماؤهم ولكن الأمر تطور إلى أن قاموا بثورة هددت المنصور نفسه إذ كسروا السجن وأخرجوا أصحابهم واتجهوا نحو الخليفة الذي أظهر شجاعة نادرة في قتلهم والتنكيل بهم.

وسيظل حزب أبي مسلم هذا قائماً وسينضم إليه كثير من أهل البلاد. واتخـذ هذا الحزب المناوئ للدولة شعاراً مضاداً لشعار الدولة ألا وهو اللون الأبيض، وعلى ذلك أصبحوا يسمون بالمبيضة3.

هذا عن ثورات المشرق ذات الأفكار الخارجـة.

كذلك عرفت الدولة بعض الثورات مثل: ثورة الخوارج في الجزيرة، تلـك الثورة التي أخمدتها الدولة4.


  1. المسعودي، مروج الذهب، ج ٤، ص ١٤٤.
  2. انظر، ابن الأثير، ج ٤، ص ٣٥٧.
  3. ابن الأثير، ج ٤، ص ٣٦٥ - ٣٦٦.
  4. ابن الأثير، ج ٤، ص ٣٥٨ - ٣٥٩.