أبناء الحسن من الفرع الحسني وليس من الفرع الحسيني فقيدوا بالحديد والسلاسل وعذب بعضهم بقسوة في حضرة المنصور، بل وقتل البعض. ويسير بعدد منهم إلى الكوفة حيث حبسوا. وإزاء هذه الإجراءات التعسفية اضطر محمد أن يضـع حداً لهذه المأساة وذلك بأن أعلن الثورة في سنة ١٤٥هـ. وعلم الوالي بما يدبـره محمد فحاول تلافي الثورة، وحمل أهل المدينة المسئولية الجماعية. وكان يساند الحركة العلوية من الناحية الشرعية القانونية الفقيه مالك بن أنس صاحب المذهب المالكي. من ذلك أن مالك بن أنس حلل الناس من البيعة ومن يمين الولاء للمنصور فقال لهم: "إنما بايعتم مكرهين وليس على مكره يمين"1. ولذلك لم يفلح التهديد وتشاور العلويون وكسروا السجن وحرروا أقاربهم ممن كانوا قد سجنوا وتوجهوا إلى دار الإمارة واستولوا عليها وأسروا الوالي.
وبعد أن استولى محمد على المدينة بدأ في تنظيمها الإداري، فاستعمـل والياً وقاضياً وصاحب بيت السلاح وصاحب الشرطة، وكذلك أنشأ ديواناً للعطاء، وسجل في الديوان أسماء أعوانه وأتباعه2.
وبدأ محمد يرسل الولاة إلى الأقاليم المختلفة، لدولته الناشئة، فأرسل والياً إلى مكة هزم واليها العباسي وبعث بآخر إلى اليمن، وثالث إلى بلاد الشام. ولكن هذا الأخير لم يستطع أن ينجح في مهمته.
ويمكننا أن ننظر إلى اختيار محمد للمدينة كمركز لثورته على أنه عمل لا يدل علـى بعد النظر السياسي، والظاهر أن محمد نفسه كان يعرف ذلك إذ تقول الرواية أنـه قال في خطبته في المسجد: "إن أحق الناس بالقيام في هذا الدين أبناء المهاجرين والأنصار" وقال: "إني والله بين أظهركم وأنتم عندي أهل قوة ولا شدة ولكني اخترتكم لنفسي"3. هذا يعني أن المسألة في نظره كانت مسألة تقليد وسنة لا تقـوم