صفحة:مرآة الحسناء.pdf/229

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٢٥

لي في الهوى نفثاتٌ لا تزول ولوْ
زال الهوى حيث لا شيءٌ بلا أجلِ
ولا يزولُ سوى الأعراض حادثةً
لكنَّما جوهر الأشياءِ لم يَزُلِ
ذي حكمة اللهِ تحتار العقولُ بها
كما تحارُ بأصل الشيءِ والأزلِ
خذ العجيبة ما يسمو العقول إذن ذا
الحدُّ يشملُ أدنى الشي فانذهلِ
خُذ البعوضة وانقدْها عساك ترى
عجائبًا لا ترى في خلقةِ الجملِ
واصمت إذا لم تجد رأيًا على سندٍ
فالصمتُ أولى من التبكيتِ للرَّجل
وكلما اتجهت آراء معترضٍ
إلى السدادِ استردَّتها يدُ الخطلِ
الحقُّ حقٌّ، فمن يقصدْ رمايَتهُ
بأسهم الزور لا يلقى سوى الفشلِ
لمَّا رأَى الزورُ هذى الأرض هام بها
كالغمر والزُّورُ أن يعشق فلم يحلِ
قالوا تمدَّنَت الدنيا فقلتُ نعم
توحشت وغدت وحشًا بلا مثلِ
بئس التمدن إن كانت قواعدهُ
تُبنى على النارِ والبتَّارِ والأسلِ
تمدُّنٌ ما رأَينا في حماهُ سوى
حصد الأمانِ وزرع الزعر والوجلِ
هذا الذي اجتلبَ البلوى وأثبتها
على الملا، وأتى بالبؤْسِ والعِللِ
لولاهُ لم يكُنِ الإنسان منحنيًا
تحتَ المصائبِ نِضو الكد والعمل
لولاهُ ما طمعت نفسٌ ولا طمحت
عينٌ ولا زلقت رجل إلى الزللِ
ولا رأَيتُ قلوبًا لا تُعَدُّ غدت
بلا نياط فقد ذابت على الغللِ
قال الكثيرون هذي هيئةٌ صلحت
فقلتُ بل قَبُحَت كفُّوا عن الجدلِ
قالوا ألم ترَ جيد العقل أصبح ذا
حَلْيٍ فقلتُ وما أحلاهُ في العطلِ

١٥