صفحة:مرآة الحسناء.pdf/230

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٢٦

لا يُقْلِقُ المرءَ إلَّا عقلهُ فبهِ
يبدو لهُ كلُّ أمرٍ غيرَ محتملِ
ما أسعد المرءَ لما كان منعزلًا
في البيدِ يرتعُ بين السهل والجبلِ
ويأكل الصيد والأثمار دانيةً
والأرض تغذيهِ بالألبانِ والعسلِ
ما كان يودى بهِ همٌّ ولا نكدٌ
ولم يكن قلبهُ يدري سوى الجذلِ
كانت شريعتُهُ ناموسَ فطرتهِ
يُهدَى بها غيرَ هيَّابٍ ولا وَجل
ما كان يخشى أميرًا لا ولا ملكًا
ولا يهابُ صروف الدهر والدول
ولا يبيت طوالَ الليلِ مفتكرًا
بالنهب والسلب والتدليس والختلِ
عساهُ يرضي أخا حكمٍ بلا حكَمٍ
أو رُبَّ مالٍ رماهُ اللهُ بالبَهَلِ
ويلاهُ ويلاهُ من هذا التمدُّنِ كم
أردى الفتى، وأعاد العيشَ في ثقَلِ
فسوف تسترجع الدنيا توحشها
والضدُّ بالضدِّ متبوع على البدلِ
وسوفَ يبلغ هذا الحكم غايتهُ
لكنَّهُ لم يسِرْ إلَّا على مهلِ
أما ترى نملةً تسعى على مهلٍ
قد سابقت جحفلًا يسعى على عجلِ
وفي الطبيعةِ ما لم يدرهِ بشرٌ
وبالدرايةِ دعوى الناس لم تزلِ
من قالَ إنِّيَ لا أدري فذلك ذو
علمٍ ومن قال أدري، فهو منهُ خلي
وقال
يا راحلين وفي قلبي لكم نزُلُ
ومعرضين وعنكم ليس لي بدَلُ
غبتم فغاب سروري بعدكم ونأَت
عني الأوانسُ إلَّا الذكرُ والأملُ
لا شيءَ والله ينسيني محبتكم
فليس لي غيرها شغلٌ ولا عملُ