صفحة:مرآة الحسناء.pdf/265

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
٢٦١

وها قد طال سكري بالتصابي
فلا أصحو ولو صحت المُدامُ
ولكن لم يعدْ قلبٌ ليهوى
ولا لتحمُّل البلوى عظامُ
ومما ذاق من ألمٍ فوادي
وأشجانٍ لها فيهِ ازدحامُ
تشرَّد خاطري وغوى رشادى
وحرت وصار كالكلم الكلامُ
فهل ليلٌ يروح ولا اضطرابٌ
وهل صبح يلوح ولا انسجامُ
وصبحٍ ليلهُ أحيا جفوني
بطيفٍ كان يحييهِ الظلامُ
أفقت مودعًا وسني وقلبي
بهِ من ذلك الطيف اضِّرَامُ
وأحشائي تذوب وكل عضوٍ
بهِ جرحٌ ولم يرهف حسامُ
أوامٌ في الجوانح مثل نارٍ
فيا ويلاهُ هل يطفى الأوامُ
هرعت إلى الهضاب ولا رفيقٌ
يؤَانس وحدتي إلا الغرامُ
هناك لوحشتي وادٍ أنيسٌ
تظللهُ الروابي والآكامُ
تلوح عرائس الأفكار فيهِ
سوافر لا قناع ولا لثامُ
ولا تخشى ذبولًا من هجيرٍ
فمن شجر الأراك لها خيامُ
هنا دوحٌ تمد شراع ظلٍّ
وثيقًا ما لعروتهِ انفصامُ
على جوٍّ زها وصفًا أثيرًا
بهِ الأوهام تسبح لا الهوامُ
هنا النسرين تحت طرنجبيلٍ
يفوحُ كذا البنفسج والخزامُ
زهورٌ فوق ذاك الأفق تحكي
نجومًا في السماءِ لها انتظامُ
وسلسالٌ يدور بهِ ويجري
على رشدٍ وليس لهُ زمامُ