صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/10

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

وقواعده.

وها أنا الآن أضع بين يدي القارئ رسالتي في مصطلح التاريخ متوخياً خدمة لغتي وبلادي ومحاولاً أن أفتح باباً جديداً لطلاب التاريخ العربي ينفذون منه إلى مجاهله ويتوصلون به إلى فهم الروح العلمية الحديثة التي تتجلى في مؤلفات علماء الغرب اليوم. فكأي من قضية في تاريخنا لا يزال مؤرخونا يخبطون في حلها خبط عشواء وكأي من ناحية في حياة القدماء في العصور السالفة يجهلونها تمام الجهل. وحسبنا أن نذكر أن أكثر مؤرخينا اليوم يزعمون أن كتابة التاريخ لا تتعدى نقل الرواية والإلمام بقواعد اللغة. ففي عرفهم أنك إذا أجدت الإنشاء وفهمت بعض النص فقد هيئت لك العدة لكتابة التاريخ. ولقد فات هؤلاء أن التاريخ هو علم أيضاً يعوزه ما يعوز سائر العلوم الأخرى من طب وهندسة وفقه وغيرها وأنه لا بد لصاحبه من أن ينشأ نشأة علمية خالصة يتربى فيها على الشروط الفنية التي يقتضيها كل علم مما أوردنا في تضاعيف هذا الكتاب. ولعلي أول من حاول أن يربط ما توصل إليه علماءنا في الحديث بما وضعه علماء الغرب اليوم في هذا الحقل من العمل.

أسد رستم
عن الشوير لبنان في ١٢ أيلول سنة ١٩٣٩
عن رأس بيروت في ٢ نيسان سنة ١٩٥٥
- ح -