صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/101

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

بكلمة «والقول» وكذلك فإن قول المؤرخين الإفرنج المشار إليهم آنفاً لا يخلو من الترجيم ولا يخرج بعضه عن حد المظنونات. غير أننا مع إقرارنا بهذا التمريض والترجيم والإبهام كله كنا نأمل أن نستبصر بهذا القول عن مقتل محمد سليم باشا فنكشف القناع عن موقف الدمشقيين الحقيقي تجاه النزاع الذي وقع بين والي عكة وعزيز مصر وقتئذٍ ونحسر اللثام عن أميالهم السياسية.

وهكذا جرى فإننا توفقنا عام ١٩٢٧ فوجدنا في سجل المحكمة الشرعية بمدينة دمشق رسالتين من عبد الله باشا إلى أهالي هذه البلدة يرجع عهدهما إلى سنة ١٨٣١م ويدور منطوقهما حول مقتل سليم باشا وخروج محمد علي باشا إلى سورية ومع أننا لم نجد في هاتين الرسالتين نصاً صريحاً على حقيقة موقف الدمشقيين فإننا بدأنا آنئذٍ بالخروج من حيز الظن إلى جهة الترجيح واليقين — ترجيح ما أومأته إلينا تلك المقدمات وما صوره لنا ذلك الظن.

نص الرسالة الأولى: «بيورلدي بختم كبير من حضرة عبد الله باشا والي عكا صدر الموالي العظام عمدة العلماء الكرام ونخبة الفضلاء الفخام ذو الفضل واليقين رافع أعلام الشريعة والدين وارث علوم الأنبياء والمرسلين المختص بمزيد عنايت الملك (المعين) قاضي محروسة دمشق الشام حالاً أفندي زيدت فضائله وافتخار العلماء الكرام وزبدة الفضلاء الفخام المأذون بالإفتا أفندي زيدت علومه وفرع الشجرة الزكية وطراز العصابة الهاشمية قائمقام نقيب الأشراف أفندي زيد شرفه ومفاخر أقرانهم علماء المدينة وأعيانهما ووجوهها وأرباب التكلم بوجه العموم زيدت مقاديرهم بعد السلام التام بمزيد الإعزاز والإكرام المنهي إليكم اطلعنا على عرض محضركم المتضمن التخبير عما حصل من المرحوم محمد سليم باشا وقتله كتخداه وما حصل بهذه الحركة بينه وبين الحراس وقتله ثلاثة أنفار منهم وإنه أخيراً جلس على صندوق باروت وقوصه بيده فاحترق هو والأوده بما فيها فلما بلغ ذلك أعيان البلدة توجهوا اخرجوا أتباعه بالسلامة وسيروهم من الشام بالأمن والحراسة وحررتم الموجودين التي بالأودة التي احترقت بالمشار إليه وأما أمين بك أفندي المأمور من طرف حضرت ولي نعمتنا الدولة العلية صانها وحرسها رب للبرية فهو مقيم بالراحة والرفاه في قوناق أسدكم الحاج محمد أغا الداراني وجميعها شرحتوه وأعرضتوه صار معلوم فنخبركم أن قبل تاريخه عرض محضركم الذي أرسلتموه لطرفنا قدمنا أعراضه لجناب العتبة العليا الملوكية فلا زالت على الدوام مصانة ومحمية صحبة سر تاتاران بابنا والآن عرض محضركم هذا قدمنا أعراضه أيضًا لجانب العتبة العالية الملوكية صحبة تاتاران بابنا ونحن بانتظار الأوامر الشريفة والإرادة السامية الشاهانية بمصلحة إيالت الشام المراد تكونوا متنبهين لحفظ الموجودات وراحة البلدة إلى حين ورود الأجوبة لنا من جانب حضرة ولي نعمتنا الدولة العليا والسلطنة السنية أعز الله تعالى أنصارها وقوَّى شوكة اقتدارها فبناء على ذلك أصدرنا لكم بيور لدينا هذا من ديواننا في قلعة النصر داخل دار الجهاد محروسة عكا المحمية عن يد رافعه فبوصوله ووقوفكم على مضمونه

- ٩١ -