صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/12

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

الشهير القائم اليوم على هضبة المقطم الذي يطلّ ويشرف على مدينة القاهرة. وقل الأمر نفسه على عظامه المحفوظة في مثواه في داخل هذا الجامع العظيم، وعن بقايا ألبسته وأدواته الشخصية التي لا تزال محفوظة لدى أحفاده في سراي عابدين وسائر قصورهم. وما يصح من هذا القبيل على الآثار الشخصية المتخلفة عنه يصح أيضاً على آراء غيره من المعاصرين وآثارهم. فتاريخ الشيخ عبد الرحمن الجبرتي الذي عاش في القاهرة وعاصر عزيز مصر هو أيضاً أصل من الأصول وكذلك كتاب الدكتور كلوت بك الذي استُخدِم في حكومة الباشا والذي أسَّس كلية الطب في القصر العيني، وكتاب الدكتور مخائيل مشاقة الدمشقي الذي درس الطب في القصر العيني والتحق بخدمة الأمير بشير الثاني وغيره من الأمراء الشهابيين الذين عاصروا عزيز مصر ودخلوا تحت حكمه ردحاً من الزمن، كل هذه في عرف المؤرخين ضروب من أصول. وهلم جراً.

فإذا صحَّت القاعدة العامة — وهي صحيحة دون جدال — في أنه إذا ضاعت الأصول ضاع التاريخ أقول إذا صحت هذه القاعدة لزم على المؤرخ أن يبدأ عمله دائماً بجمع الأصول. وهي لعمري حقيقة أساسية لازمة عرفها علماء الحديث قروناً عديدة وعملوا بها قبل أن يُدرك فائدتها وينوه بصحتها ويحبذ العمل بها المؤرخون الحديثون إن في أوروبة أو في غيرها من مراكز العلم الحديث.

- ٢ -