صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/120

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

أخرى باعتبار كل من المجموعتين وحدةً قائمةً بنفسها. وكأنهم بذلك أتموا مقابلة كل واحد بكل آخر. فيرون نقط التشابه بين هذا وذاك. ويصنفون هذه الوحدات على أساس التشابه بينها. وهذا درس علمي حقيقي قوامه التحليل أولاً ثم الربط والتأليف بين أجزائه ثم المقابلة والاستدلال القياسي.

على أن ظروف المؤرخ في الواقع تختلف كل الاختلاف عما تقدم فحقائقه المفردة هي غير الحقائق المفردة في العلوم الطبيعية. إذ جل ما يمكنه الاعتماد عليه، في مثل هذه الظروف، هو كلام الغير عن وقائع الماضي لا الوقائع نفسها. وليس بإمكانه أن يشاهد المجموع الذي تفرَّعت عنه مفردات الحقائق. كما وأنه يجهل الأسس التي كانت تربط مثل هذه الحقائق لتؤلف منها الكل. وإذًا فمن العبث أن نربط الحقائق المفردة في التأريخ كما يربط علماء الطبيعة حقائقهم. وعلينا والحالة هذه أن نستنبط طريقة خصوصية لربط الحقائق المفردة نتذرع بها للوصول إلى اليقين أو ما يقارب اليقين.

ولنذكر أن الحقائق المفردة التي تثبتنا من صحتها تكون إما آثاراً حقيقية تخلفت عن السلف كالأهرام في مصر مثلاً، أو وقائع السلف كعمل معين أو قول معروف، أو دوافع معنوية كانت مكنونة في صدور الناس أفراداً وجماعات. وبعبارة أخرى، إن ما تثبتنا من صحته من الحقائق المفردة يكون واحداً من ثلاثة: إمَّا أثراً ملموساً أو عملاً محدوداً أو دافعاً نفسياً معيناً ولو كانت العلوم النفسية والاجتماعية قد ماشت

- ١١٠ -