صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/134

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

وما إلى ذلك من الأسئلة عن أسباب وقائع الماضي.

والواقع أنه ليس بإمكان المؤرخ أن يقنع زملاءه في مثل هذا الموضوع إلا بالفلسفة. فجوابه يتوقف على مذهبه الفلسفي والبحث في هذا يكون بطبيعة الحال فلسفيًّا أيضاً. وقد يصعب التفريق من هذه الناحية بين الفلسفة والتاريخ كما أبان ذلك الفيلسوف المؤرخ غروتشي الإيطالي وغيره.

على أن بإمكان المؤرخ أن يوضح الوقائع الماضية على طريقة علماء الطبيعة. فإنك لو طلبت إلى أحد هؤلاء أن يوضح أو يعلل لك ظاهرة من ظواهر هذه العلوم، لبدأ بوصفها ثم استطرد إلى ذكر خصائصها وعلاقاتها بمثل غيرها من الظواهر. غير أن هذه الأمور كلها لا تخرج عن أنها وجوه مختلفًا لحقيقة واحدة. وليس علمنا بها إلا مجموعة لهذه الوجوه فتعليل علماء الطبيعة لظواهر الطبيعة ليس إلا وصفاً لخصائصها ومميزاتها. والآن إذا بدلنا الوصف بالقصة قلنا إنه بإمكان المؤرخ أن يوضح الوقائع الماضية على طريقة علماء الطبيعة. فحيث تضطره الظروف لإيضاح بعض الحقائق يأتي بحقائق أخرى توضح ما سبق سرده من حوادث الماضي. فأما أن يزيدنا علماً ببعض الحوادث التي سبقت وقوع ما يروي أو أن يذكر حوادث أخرى وقعت في الوقت نفسه وأثرت فيما يروي. مما يسوقنا إلى القول بأن الفرق بين التاريخ وإيضاح التاريخ من هذه الناحية إنما هو فرق في الكم لا الكيف.

بيد أنه لا بد للمؤرخ المتعمق من التذرع بالفلسفة، إذا ما أراد أن

- ١٢٤ -