صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/135

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

يقف على أسرار الحياة البشرية في الماضي. وإن هو وقف عند هذا الحد من الإيضاح والتعليل يكون مثله مثل ولد تأخر عن الذهاب إلى المدرسة. فإذا سئل عن سبب التأخر أجاب لأني لم أجد كتبي. وإذا قيل له لماذا؟ قال لأني كنت في الجنينة وراء البيت. وهلم جراً. وقد يكون السبب الحقيقي أعمق من هذا وذاك إذ لا بد من درس الولد درساً علمياً فلسفياً عميقاً قبل البت في سبب التأخر.

ولقد صدق ابن خلدون حيث يقول: «أما بعد فإن فن التاريخ من الفنون التي تتداوله الأمم والأجيال وتشد إليه الركائب والرحال وتسمو إلى معرفته السوقة والأغفال وتتنافس فيه الملوك والأقيال وتتساوى في فهمه العلماء والجهال إذ هو في ظاهره لا يزيد على أخبار عن الأيام والدول والسوابق من القرون الأول تنمو فيها الأقوال وتضرب فيه الأمثال وتُطرف بها الأندية إذا غصبها الاحتفال وتؤدي لنا شأن الخليقة كيف تقلَّبت بها الأحوال واتسع الدول فيها النطاق والمجال وعمَّروا الأرض حتى نادى بهم الارتحال وحان منهم الزوال وفي باطنه نظر وتحقيق وتعليل للكائنات ومبادئها دقيق وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق وجدير بأن يعد في علومها وخليق وأن فحول المؤرخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها وسطَّروها في صفحات الدفاتر وأودعوها وخلطها المتطفلون بدسائس من الباطل وهموا فيها وابتدعوها وزخارف من الروايات المضعفة لفقوها ووضعوها واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها وأدوها إلينا كما

- ١٢٥ -