صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/23

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

خصيصاً للمغالطة والتضليل، أقول لو بدأنا بمثل ما تقدَّم ذكره وتيقنا وقوع التضليل والتزوير، لضاع وقتنا سدى، وأصبحنا من الخاسرين.

فعلى المؤرخ إذاً، عند انتهائه من العلوم الموصلة، أن يتأكد أولاً من أصالة الأصول، ويتثبت من خلوها من كل دس أو تزوير. ولعله من المفيد أن نبدأ هذا البحث، باستعراض بعض ما اختبرناه من هذا القبيل.

لما جاءت اللجنة الدولية، لتدرس قضية البراق الشريف، وقدَّم سماحة الحاج أمين أفندي الحسيني وثائقه الرسمية، جاهر بعض المعاكسين بشكهم في صحة وثيقة ترجع إلى زمن اختصاصي. فطلب إليَّ عندئذٍ بعض الأصدقاء، أن أستشف هذه الوثيقة، من الوجهة العلمية الفنية التاريخية، فلبيت الطلب.

وثيقة الحاج أمين أفندي الحسيني قطعة من الورق الصكوكي القديم، يبلغ طولها ٢٧ سنتمتراً ولا يتجاوز عرضها ال ١٤، وهي مكتوبة بالحبر الأسود الإستانبولي وموجهة من محمد شريف «حكمدار بر الشام» في عهد الحكومة المصرية إلى السيد أحمد آغا دزدار متسلم القدس الشريف آنئذٍ. وهي مؤرخة في ٢٤ ربيع الأول سنة ١٢٥٦هـ، الذي يوافق ٢٧ أيار سنة ١٨٤٠م، وهذا هو نصها بالضبط:

افتخار الأماجد الكرام ذوي الاحترام أخينا السيد أحمد آغا دزدار متسلم القدس الشريف حالاً: إنه ورد إلينا أمر سامي سر عسكري مضمنه صورة إرادة شريفة خديوية صادرة لدولته يعرب مضمونها العالي أنه حيث قد اتضح من صورة مذاكرة مجلس شورى القدس الشريف بأن المحل المستدعيين تبليطه اليهود هو ملاصق إلى حايط الحرم الشريف وإلى محل ربط البراق وهو كائن داخل وقفية حضرة أبو مدين (قدس سره) وما سبق لليهود تعمير هكذا أشياء بالمحل المرقوم ووجد أنه غير جائز شرعاً فمن ثم لا تحصل

- ١٣ -