صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/45

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

بتصديقه، أو أن يكون الأصل مفقوداً ولم يبقَ منه سوى نسخة واحدة أو أن يكون الأصل قد فقد أيضاً وبقيت عنه نسخ متعددة.

فحيث يظفر المؤرخ بالأصل نفسه، بخط واضعه أو بتصديقه، عليه أن يبقيه كما هو بحروفه وغلطاته. لأن ما يصحح اليوم ويحسب تقويماً قد يمكن أن يكون اعوجاجاً وتضليلاً. فكم وكم من الاصطلاحات العامية، تفقد قوتها أو ضعفها. عندما تبدل بما يفتكره الناشر مقابلاً لها بلغته الفصحى. وكم وكم من المعاني الفصيحة والعامية أيضاً تتغير بتقديم أو تأخير أجزاء جملها بعض عن بعض. لا لا! علينا أن نثبت الأخبار كما رواها شاهدها لا كما كان «يجب عليه أن يرويها» وعلينا أيضًا أن نتحاشى جميع الطرق في النشر التي تعرض الأصل لمثل هذه المخاطر. التاريخ علم في تحريه الحقيقة، وكعلم يطلب الحقيقة كما هي لا كما يجب أن تكون. فهو يختلف عن الفنون بأسرها، أدباً كانت أم تصويراً. ويكتفي هو بما لا تكتفي هي به أحياناً. وزد على هذا كله أنه إذا بقيت الأصول التاريخية على حالها الأول، سهل على الباحث إدراك ما وصل إليه رواته من العلم والرقي، إذ إن تضلع هؤلاء من قوانين اللغة وآدابها، ينبئ أحياناً عن تهذيبهم العمومي، ومقدرتهم على فهم مجريات الأمور والتدقيق في العمل. هذا ولا يخفى ما في إبقاء لغة هذا النوع من الأصول، على حالتها الأولى من الفائدة الكبرى، لفهم تاريخ تطور معنى الكلمات والاصطلاحات بتطور الأزمنة والأحوال، ولإدراك دورة عقول الذين تكلموها على طريقة الفيلسوف البحاثة

- ٣٥ -