صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/48

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

وانتصاراته على أعدائه. فوجدنا لحسن الحظ في سجلات المحكمة الشرعية في طرابلس بيانًا آخر وجه الباشا إلى متسلم هذه المدينة، يعلن فيه انتصاره على العثمانيين في حمص، وفي آخر هذا البيان ما نصه: «والأرطتين والعسكر القرنبود الذين كانوا في القلعة حينما نظروا هذه المهاول المريعة والظفر البديع استغاثوا وطلبوا الأمان وحيث إن العفو زكاة الظفر أغثناهم مرحمة منا وأعطيناهم الأمان». فعلمنا عندئذٍ أن أحد النساخ الذين نسخوا بيان الباشا إلى متسلم دمشق أخطأ، في الأرجح، في قراءة هذا البيان. فقرأ استغاثوا «استفاقوا» وحيث إن «حنان» وزكاة «وكان» والظفر «اللطف»، وأغثناهم «غنامهم» وهلم جراً. على أننا نكرر القول بأننا لم نوفق دائماً إلى الفوز في تحري النص والمجيء باللفظ. في حال ضياع الأصل وبقاء نسخة واحدة، كما توفقنا هنا. ونوافق الأستاذ شارل لانجلوا الإفرنسي في قوله: إن تحري النص في مثل هذه الأحوال هو نوع من المغامرات التي يتوقف النجاح فيها على ذكاء المؤرخ المدقق وسعة اطلاعه وسلامة استنتاجه.

وقد تضيع أو تفنى نسخة المؤلف الأصلية ويبقى عنها نسخ متعددة. وفي مثل هذه الحال، يجتهد المؤرخ المدقق في نبذ بعض هذه النسخ، إذا ظهر له أن ذلك البعض يعتمد على سابقه. ثم يقسم النسخ الباقية إلى فصائل متخذًا الأغلاط المشتركة بينها قاعدة لهذا التقسيم. لأنه ليس من المرجح أن يجمع النساخ على غلطة ما، إلا ويكون أحدهم قد أخذ عن سابقه. كما إنه ليس من المحتمل أن يتفقوا منفردين بعضهم عن بعض إلا

- ٣٨ -