صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/5

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

وسكت عن تدبير الخالق. ونوّه منتسكيو (١٦٨٩ - ١٧٥٥) بفضله وقال أنه أسبق وأعظم من حاول التأريخ، ودرس مونتسكيو نفسه بتجرد هادئ تطور الحكم في فرنسة وإنكلترة ووازن بين الاثنين. وجاء فولتير (١٦٩٤–١٧٧٨) بنقده اللاذع فنفذ إلى صميم عناصر القوة والضعف في فرنسة وحاول وضع تاريخ حرٍ للثقافة. ولكن الاثنين أسرعا إلى الكتابة قبل إكمال نقد المصادر واستيعابها.

وانتظمت الممالك في أوروبة في القرن السادس عشر. وقامت عصبية وطنية جديدة ونشأ شعور قومي حديث فقام علماء مؤرخون في دول الغرب يعنون بجمع المصادر بدافع الاعتزاز بالماضي. وأهم مجموعة من هذه المجموعات التاريخية الوطنية مجلدات تواريخ العصور الوسطى التي بدأ بنشرها الرهبان البندكتيون من جماعة القديس مور وذلك في منتصف القرن السابع عشر. والواقع الذي لا مفر منه هو أن رسالة جان مابيون في الديبلوماسيات (١٦٨١) هي فاتحة البحث العلمي الحديث للمخطوطات وظهر في القرن الثامن عشر سلاسل أخرى من نوع هذه منها مجلدات موراتوري الخمسة والعشرون من كتاب الشؤون الإيطالية (١٧٢٣–١٧٥٠) ومجموعة توما هيرن الإنكليزي للتواريخ الإنكليزية القديمة. فتيسر لمؤرخي القرن التاسع عشر ما لم يتيسر لغيرهم من سهولة الرجوع إلى المراجع وإنعام النظر فيها ومقابلتها ومقارنتها مما لا بد منه للوصول إلى الحقيقة.

وفي السنة ١٧٩٥ أصدر العلامة وولف الألماني مقدمته الشهيرة لمجموعة هوميروس الشعرية فأحدثت ضجة في الأوساط اللغوية الأدبية التاريخية في ألمانية وخارجها لأن وولف ذهب فيها إلى أن الإلياذة والأوذيسية لم يكتبهما هوميروس ولا غيره بهذا الاسم بل جماعة من الشعراء في فترات متباعدة من الزمن. ودفعت هذه الضجة التي أحدثتها مقدمة وولف بتلميذه أوغست بوخ أن ينقد المصادر

- ج -