صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/70

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الغرب في القرنين الأخيرين في هذا السبيل، حتى كاد بعضهم يحشر مسألة معالجة التاريخ من بعض نواحيه بين العلوم الثابتة. ولكن صاحبنا شاعر والشعراء يتبعهم الغاوون.

ومن الغريب أن ما أورده شاعرنا، في سبيل الهزء والسخرية، في البيت الثاني، إنما هو قاعدة من القواعد التي يرتكز عليها علم التأريخ. وقد قال علماء التاريخ شك المؤرخ رائد حكمته وقالوا الأصل في التأريخ الاتهام لا براءة الذمة.

ودليلهم في هذا مستمد من علم النفس، حيث يتهم رجاله حواس الإنسان وأحكامه العقلية وذاكرته ويذهبون إلى أنه كثيراً ما يُخدع فيخدع. ونظرة إلى ما يقوم به المشعوذون على المسارح لتضليل الجماهير تكفي لإقناع القارئ بما أقول. وخذ إذا شئت حصاة صغيرة وضعها في كفك. ثم ضع وسطى أصابع يدك الأخرى فوق السبابة وتناولها بها تشعر بأنها اثنتان. وما يصدق على اللمس يصح على الحواس الأخرى أحياناً.

وقد تنقل الحواس الخبر اليقين إلى الدماغ. ولكن العقل يسيء التفسير فيخطئ فهمها وتعليلها. ويضل في وهمه. ومما نذكر من هذا القبيل، أننا في أثناء التلمذة، جلسنا مرة نصغي إلى أستاذنا يلقي محاضرة علينا في هذه الناحية من علم النفس. وفي أثناء الكلام سمعنا ضجة قوية خارج الغرفة. ثم دخل فجأة علينا رجل مذعور ووراءه اثنان يلحقان به وأحدهما يقول له قف قف وإلا قتلتك. وبيده مسدس صوّبه إليه. فهرب الرجل الأول من باب آخر. وتبعه الرجلان الآخران. فقال لنا

- ٦٠ -