صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/71

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

أستاذنا اكتبوا ما شاهدتهم من هذه الواقعة. فكتبنا ما ورد في أعلاه. وبعد أن اطلع على شهادتنا في الأمر ضحك. ثم استدعى صاحب المسدس وسأله أن يرينا مسدسه. ولشد ما كانت دهشتنا حين علمنا أن مسدسه لم يكن سوى ثمرة جافة من أثمار الموز. أرأيتم إلى أي حد يخدع العقل أحياناً في استناده إلى حواس؟

هذا واذكروا أن الإنسان عرضة للنسيان. فقد تخونه الذاكرة أو يخلط بين حادثين. فيضيف وقائع حدثت أو وقعت في الواحد وينسبها إلى الآخر. وإذن فعلم النفس، في هذا الباب، يفرض أن نحتاط فلا نخدع. وإذا ما ذكرنا في الوقت نفسه أن الراوي يقول أحياناً فيما لا يفهم، وأنه قد يقصد التحريض وإيقاد نار الفتنة، وقد يتعمد الكذب لغاية في النفس، إذا ما ذكرنا جميع هذه الأمور، قلنا مع علماء التاريخ، شك المؤرخ رائد حكمته.

وينحصر شك المؤرخ في سلسلتين أساسيتين من الأسئلة التي لا بد من الإجابة عنها لإخراج الحقائق التاريخية من سترة الريب إلى صحن اليقين. والسلسلة الأولى تتعلق برأي الراوي في حقيقة ما يروي لأنه قد يموه الباطل ويزين الخطأ. فيترتب على المؤرخ، والحالة هذه، أن يتساءل عن أمور عدة منها ما يأتي:

١) هل لراوي الرواية مصلحة فيما يروي؟ وهل هو يزين لنا الأمر ويحسنه فيتعمد الكذب ليسوقنا إلى استنتاج معين؟ فإذا ما خامرنا في كلامه شك، وخالجنا فيه ظن، تحرينا غرضه فيما يكتب. ومثل هذا
- ٦١ -