صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/73

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

ومعنى الأولى «رغبة في الكلام لا تعرف الشبع» والثانية «بغض مزمن» نقول عبر المؤرخون القدماء عن هذا الأمر بهاتين العبارتين وتبرأوا من الأخذ بهما منذ مئات السنين فيجدر بالمؤرخ المدقق أن يتبصر في الأمر من هذه الناحية ويدرس الراوي من حيث علاقاته القومية والحزبية والمذهبية والفلسفية وما شاكل ذلك.

٤) وهل اندفع الراوي بشيء من الغرور والكبرياء لينطق بالباطل ويحيد عن الحق؟ وهل أقدم على ما يروي بداعي المفاخرة أو المفاضلة أو المنافسة أو ما شابه ذلك؟ لا بد من تفحُّص أخبار الراوي من هذه الناحية أيضًا قبل الاعتماد على روايته. وليذكر المؤرخ المستجد أن دوافع الغرور والكبرياء تختلف باختلاف الزمان والمكان، وأن بعض الناس قد يفاخر بما لا يفاخر به البعض الآخر. فالإفرنسيون اليوم ينكرون على أسلافهم قيامهم بمجزرة برثولوميو والملك الإفرنسي شارل التاسع زمنئذ كان يتبجَّح ويتباهى بأنه هو الذي نظم هذه المذابح. بيد أنه لا بد من الاعتراف أيضاً بنوع من التشرف والتبذخ والاعتزاز لم يختلف على مدى العصور والأدهار هو حب الجاه والظهور بمظهر المقدرة والنفوذ والعظمة. فيجدر بنا، والحالة هذه أن نصر على اتهام الراوي بمثل ما تقدَّم إلى أن نتيقن من براءَة ذمته.
٥) وهل حاول الراوي أن يتودَّد إلى جمهور الناس أو أن يتملقهم أو يداريهم؟ فهنالك عقائد دينية وعادات اجتماعية وأمور أخرى قلما يجرؤ على مخالفتها أو إهمالها فرد من الأفراد. وهذه مراسلاتنا الشخصية
- ٦٣ -