صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/75

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

إلى أدب العصر الذي عاش فيه الراوي. فيطلع على بدائعه وروائعه لعلَّه يقف على المُثل العليا التي أثرت في أسلوب الراوي. فيسهل عليه عندئذٍ أن يتفهم الرواية ويقدرها حق قدرها.

ولا نرى بداً في هذه المناسبة من مصارحة المؤرخ المستجد بأن شكنا في عدل الراوي يتناسب أحياناً كثيرة مع تفوقه في الإبداع الفني الأدبي. فكلَّما ازداد الراوي إبداعاً في أسلوبه الأدبي ازددنا شكاً في عدله وقل اطمئناننا إليه. وما يصح عن النثر في هذا الباب أحياناً ينطبق كل الانطباق على الشعر في غالب الأحيان.

وهنالك سلسلة ثانية من الأسئلة العلمية يتذرع بها المؤرخ للتوصل إلى فهم الراوي وإدراك مقدار ضبطه. وهي كالسلسلة الأولى مما أجمع عليه المؤرخون المعاصرون وأبدع في عرضه والتعبير عنه المؤرخ الإفرنسي الشهير الأستاذ شارل لانجلوا. وإليك أهمها:

١) هل كان الراوي يتمتع بحواس سليمة وعقل صحيح؟ أم كان عرضة للخطأ من هذا القبيل كما أبنا ذلك في القسم الأول من هذا الباب؟ فقد يشاهد الراوي ما يروي وينوي الصدق والإخلاص ولكن حواسه تخطئ في نقل الخبر إليه، أو عقله يتوهم غير الواقع، أو ذاكرته تخونه من حيث لا يدري.
ومما له علاقة بالموضوع نفسه أهواء الراوي وأغراضه. فإنها قد تؤثر عليه من حيث لا يقصد. فيظن أنه يروي الحقيقة ويكون بعيداً عنها. فيتذرع المؤرخ عندئذٍ ببعض الأسئلة التي أوردناها لإظهار العدالة.
- ٦٥ -
(م٥