صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/77

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

يحضرها. فاكتفى بوقائع الحفلة وتخيَّل أو استنتج الباقي.

٤) وهل روى الراوي ما لا تكتمل معرفته بمجرد المشاهدة الشخصية؟ فقد تتعلق روايته بحقيقة عامة تشمل عدداً كبيراً من النفوس أو بلاداً واسعة من البلدان مما لا يتيسر لفرد واحد من الناس أن يدقق فيها وينقل إلينا الخبر اليقين عنها. فمن كلام إجمالي عن عادات قوم من الأقوام، إلى تعميم عن تطور عقيدة أو رأي في عصر من العصور، وما إلى ذلك من الإجمال في الكلام والتعميم في المعنى، مما يستلفت النظر ويوجب التبصر. فيترتب على المؤرخ في هذه الأحوال أن يذكر أن مثل هذا التعميم إنما هو استنتاج في أساسه لا مشاهدة فينظر عندئذٍ في عدد الحقائق المفردة التي بنى الراوي استنتاجه عليها، ويلتفت بصورة خاصة إلى مقدرة الراوي في الاستنتاج. ولا بد من درس الراوي في جميع مؤلفاته للتعرف إلى عاداته في التفكير والاستنتاج. وإذا ما ذكرنا بهذه المناسبة أن العقل البشري يتأثَّر بالعادة في التفكير أدركنا إمكانية التوصل إلى نقد الراوي من هذه الناحية وتقدير تدقيقه في التفكير والاستنتاج.

ونريد قبل الفراغ من بحث هذه المسألة أن نلاحظ أمراً هو من الأهمية بمكان. ذلك أن أمر العدالة والضبط عند الراوي الواحد ليس جامعاً مانعاً كما يقول المناطقة. فلا يجوز مثلاً أن نثبت عدالة الطبري وضبطه ثم نأخذ بجميع أقواله. إذ قد يجوز أن يكون عادلاً ضابطاً في بعض ما يقول، ويكون على عكس ذلك في بعض أقواله الأخرى، وإذن

- ٦٧ -