صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/78

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

فيجب على المؤرخ المدقق أن ينظر في كل خبر من أخبار الراوي على حدة فيطبق ما ورد من الأسئلة في أعلاه مراراً متعددة.

وقد تضطرنا الظروف أحياناً إلى الاعتماد على المصادر الثانوية. وذلك لأسباب منها ضياع الأصول أو المصادر الأولية، ومنها أن ما نسميه أصلاً قد لا يخلو أحياناً من الاعتماد على سابق له، فتصبح الرواية فيه مزيجاً من شهادة أولية وشهادة ثانوية مأخوذة عن الغير. ومما نذكر من هذا القبيل أنه لما زار الجنرال اللنبي جامعة بيروت الأميركية عام ١٩١٩ أتى بمعيته أركان حربه. وبعد أن رحب به الدكتور هورد بلس رئيس الجامعة آنئذٍ قام الجنرال ليتكلم. واتخذ موضوعاً له موقعة طول كرم الشهيرة. وما كاد يتبسط في أخبار هذه الموقعة، التي خاض غمارها بصفته قائداً عاماً للقوات البريطانية، حتى أخذ يستعين بأركان حربه الجالسين معه على المنبر، فيقول للجنرال بولفين ألم تفعل كذا في الساحل؟ ويقول لغيره أليس كذلك؟ فانظروا إلى رجل، كان على رأس جيش فاتح، يحمل أكبر مسؤولية في ساحة القتال، وهو أولى من تؤخذ عنه أخبار فتوحاته، ولكنه على ذاك يعتمد على من كان يوجه إليهم الأوامر في تفاصيل روايته. وإذاً فرواية الجنرال اللنبي عن موقعة طول كرم هي مزيج من مشاهداته الشخصية ومشاهدات ثانوية أخذها عن أركان حربه.

وهنا يجب على المؤرخ أن يوجه التفاته إلى الشاهد الذي أخذ عنه الخبر. فإذا كان هذا قد شاهد بعينه فشهادته أولية. وإلا فمن الواجب

- ٦٨ -