صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/86

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

النوع. وإن لم يتسوف النظر المعرف لكون ذلك المحدث في نفسه ضابطاً مطلقاً واحتجنا إلى حديث من حديثه اعتبرنا ذلك الحديث ونظرنا هل له أصل من رواية غيره كما تقدم بيان طريق الاعتبار في النوع الخامس عشر. ومشهور عن عبد الرحمن بن مهدي القدوة في هذا الشأن أنه حدث فقال حدثنا أبو خلدة فقيل له أكان ثقة. فقال كان صدوقاً وكان مأمونًا وكان خيراً وفي رواية كان خيار الثقة شعبة وسفيان. ثم إن ذلك مخالف لما ورد عن ابن أبي خيثمة. قال قلت ليحيى بن معين إنك تقول فلان ليس به بأس وفلان ضعيف. قال إذا قلت لك ليس به بأس فهو ثقة وإذا قلت لك هو ضعيف فليس هو بثقة لا تكتب حديثه. قلت ليس في هذا حكاية ذلك من غيره من أهل الحديث فإنه نسبه إلى نفسه خاصة بخلاف ما ذكره ابن أبي حاتم والله أعلم. الثالثة قال ابن أبي حاتم إذا قيل شيخ فهو بالمنزلة الثالثة يكتب حديثه وينظر فيه إلا أنه دون الثانية. الرابعة قال إذا قيل صالح الحديث فإنه يكتب حديثه للاعتبار. قلت وقد جاء عن أبي جعفر أحمد بن سنان قال كان عبد الرحمن بن مهدي ربما جرى ذكر حديث الرجل به ضعف وهو رجل صدوق فيقول رجل صالح الحديث والله أعلم.

وأما ألفاظهم في الجرح فهي أيضاً على مراتب أولاها قولهم بلين الحديث. قال ابن أبي حاتم إذا أجابوا في الرجل لين الحديث فهو ممن يكتب حديثه وينظر فيه اعتباراً. قلت وسأل حمزة بن يوسف السهمي أبا الحسن الدارقطني الإمام فقال له إذا قلت فلان لين إيش تريد به قال لا يكون ساقطاً متروك الحديث ولكن مجروحاً بشيء لا يسقط عن العدالة. الثانية قال ابن أبي حاتم إذا قالوا ليس بقوي فهو بمنزلة الأول في كتب حديثه إلا أنه دونه. الثالثة قال إذا قالوا ضعيف الحديث فهو دون الثاني لا يطرح حديثه بل يعتبر به. الرابعة قال إذا قالوا متروك الحديث وذاهب الحديث أو كذاب فهو ساقط الحديث لا يكتب حديثه وهي المنزلة الرابعة.

قال الخطيب أبو بكر أرفع العبارات في أحوال الرواة أن يقال حجة أو ثقة ودونها أن يقال كذاب ساقط. أخبرنا أبو بكر بن عبد المنعم الصاعدي الفردي قراءة عليه بنيسابور قال أخبرنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ أخبر الحسين بن الفضل أخبرنا عبد الله بن جعفر حدثنا يعقوب بن سفيان قال سمعت أحمد بن صالح. قال لا يترك حديث حتى يجتمع الجميع على ترك حديثه. قد يقال فلان ضعيف فإما أن يقال فلان متروك فلا إلا أن يجمع الجميع على ترك حديثه ومما لم يشرحه ابن أبي حاتم وغيره من الألفاظ المستعملة في هذا الباب قولهم فلان قد روى الناس عنه، فلان وسط، فلان مقارب الحديث، فلان مضطرب الحديث، فلان لا يحتج به، فلان مجهول، فلان لا شيء، فلان ليس بذاك. وربما قيل ليس بذاك القوي فلان فيه أو في حديثه ضعف. وهو في الجرح أقل من قولهم فلان ضعيف الحديث. فلان ما أعلم به بأساً وهو في التعديل دون قولهم لا بأس به وما من لفظة منها ومن أشباهها إلا ولها نظير شرحناه أو أصل أصلناه ننبه إن شاء الله به عليها والله أعلم»1

ولم يغفل ابن خلدون عما توصل إليه علماء الحديث في هذا المضمار ولا

  1. مقدمة ابن الصلاح (طبع حلب) ص ١١٤–١٣٧
- ٧٦ -