صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/92

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

شيء سوى أمر واحد هو إسقاط رواية من لا يعتمد عليه. وهي نتيجة سلبية.

فلا بد للمؤرخ والحالة هذه من متابعة البحث والتنقيب للوصول إلى طمأنينة العقل وسلامة الاستنتاج. وعليه أولاً أن يبتعد كل الابتعاد عن الروايات التي انفرد بها راوٍ واحد. فإذا كانت العلوم الطبيعية تتطلب المشاهدة والاستدلال القياسي والتحقيق بالمقابلة وبالتجربة، فتبتعد كل الابتعاد عن الإطلاق في النتيجة من مشاهدة واحدة، فالتأريخ أولى بذلك منها لأنه بعيد عن المشاهدة ضعيف الاستدلال بالقياس عديم التجربة.

وهو أمر قديم العهد بيننا. وقد اعترف به علماء الحديث فجعلوا الحديث من هذه الناحية درجات أعلاها المتواتر. وشرطوا فيه أن يبلغ عدد المخبرين مبلغاً يمنع في العادة تواطؤهم على الكذب1. ومن ذلك أبيات الجلال السيوطي في ألفيته المشهورة. قال:

وما رواه عــدد جم يجب
إحالة اجتماعهم على الكذب
فالمتواتر وقوم حــددوا
بعشرة وهو لدي أجود
والقولُ باثني عشرا وعشرينا
يحكى وأربعين أن سبعينا2

ومن هذه الدرجات في الحديث العزيز. وقد أطلقوه على ما لا يرويه

  1. راجع المستصفى في أصول الفقه للإمام أبي حامد الغزالي ج١ ص٨٥–٩٠ وتوجيه النظر إلى أصول الأثر للشيخ طاهر الجزائري ص ٣٦ - ٤١
  2. الفقيه السيوطي في الحديث مصطلح ص ١٠٠
- ٨٢ -