صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/98

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الرواية بأكملها يصح أيضاً على أجزائها. فيحسن بالمؤرخ أن يتأكد من هذا الأمر أيضاً قبل الفراغ من عمله.

٢) وعليه أن يذكر أيضاً أن شدة الانطباق بين الروايات المختلفة توجب الشك لا الثقة. وهو أمر عرفه علماء التزوير في الخطوط وقالوا به منذ زمن بعيد. فحيث ينطبق إمضاء، معترض عليه، من جميع نواحيه وفي جميع دقائقه، على إمضاء معترف به، يُرجح وقوع التزوير. وحيث يشتد انطباق الروايات بعضها على بعض يزداد قلق المؤرخ ويكثر ريبه.

٣) وهناك تآلف بين الحقائق التاريخية لا بد من الالتفات إليه. والاستعارة هنا من علم الموسيقى. فكما تتآلف الألحان المختلفة فتشكل مجموعًا موسيقياً شائقًا مؤثراً في النفس، كذلك الروايات التاريخية المختلفة فإنها إذا ما عبرت عن الحقيقة الراهنة تتآلف بعضها مع بعض فتتناصر على البطل وتلمع لمعان الحق. فيترتب على المؤرخ المدقق أن ينظر إلى رواياته المتوافقة ليرى إذا كانت تتآلف فتتناصر وتظهر الحقيقة. والعكس بالعكس.

وقد تكتمل هذه الشروط في رواية من الروايات. ولكن المؤرخ يجد تناقضاً بين مضمونها وناموس من نواميس العلوم الطبيعية. فيضطر والحالة هذه إلى إسقاط الرواية وصرف النظر عنها. فلو قال قائل بما يتناقض كل المناقضة مع قواعد علم الطب لاضطررنا أن نصدق الطبيب ونترك الراوي. ومثله في أمور الفلسفة الطبيعة أو علم الكيمياء أو

- ٨٨ -