صفحة:مصطلح التاريخ (الطبعة الثالثة).pdf/99

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.

الحيوان. فهنالك نواميس في هذه العلوم راسخة لا تتزعزع. ولا مفر من الاعتراف بها وقبولها إن عن الحاضر أو الماضي أو المستقبل.


ومثال بعض ما أوردناه في هذا الباب وفي الباب السادس أيضاً ما أقدمنا على نشره عام ١٩٣٠ في تشريح موقف الدمشقيين من حملة محمد علي باشا وابنه إبراهيم باشا على الأقطار الشامية.

فبينما كان لبنان يخف لنجدة مصر ١٨٣١م ويقدم لها المساعدة الواحدة تلو الأخرى فيجاهر بالخروج على السلطان1 ويقاتل في سبيل الشقيقة في طرابلس قتال الأبطال ويؤمن الذخائر والمؤن في سهل البقاع ويقوم بحفظ الأمن في القسم الأكبر من البلاد المغلوبة ويلبي الطلب في هذا الأمر وذاك2 بينما كان لبنان يصدق هذا السعي لمصر ويبذل طوقه في سبيلها كانت دمشق تتقاعس عن مساعدة الفاتح المصري وتنقبض على إسعافه. وزاد تطرفها في هذا الأمر أن أقفلت أبوابها في وجهه وتجهزت لحربه فتصدت له بالقرب من داريا قاصدة قطعة عن عزمه وإحالته عن قصده3.

هذه حقيقة تاريخية كنا نرددها بالأمس ولا نزال نقول بها اليوم. ولكن طالما توخينا وحاولنا أن نعرف أسبابها فاعترضتنا عقبة السكوت في بعض الأصول والغموض في غيرها فحبستنا عن حاجتنا. ولم يتوفر لدينا وقتئذٍ من معالم الطريق سوى بعض الروايات المبهمة

  1. قال القس أنطون الحلبي في رسالته إلى البطريرك يوسف حبيش بتاريخ ٢ كانون الثاني سنة ١٨٣٢ ما يأتي: «نعرض حضر تاتار من الآستانة ومعه تحرير لسعادة الأمير بشير من وكيل الصدر الأعظم ومن الصاري عسكر فحواه أن سعادته يكون في خاطر عكة والجواب رجع من سعادته يقول لجناب الأمين أمين أن يصرف التاتار ويفهمه أن ما في جواب بل حين الدولة تبقى تسأل عن رعاياها تبقى الرعايا تسأل عن خاطر الدولة هذا هو الجواب لساناً فقط» مجموعة بكركي ومجموعة جامعة بيروت الأميركية تحت تاريخ سنة ١٨٣٢
  2. اطلب مخطوطة القس أنطون الحلبي كما ضبطناها عام ١٩٢٧ ج ١ ص ١–٢٣ وكذلك كتاب أخبار الأعيان للشيخ طنوس الشدياق تحت أخبار سنة ١٨٣١ و١٨٣٢
  3. راجع ما قاله قنصل فرنسا في عكة وقتئذٍ في المجلة السورية ج٤ ص ١١٦
- ٨٩ -