صفحة:معاوية بن أبي سفيان.pdf/85

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.
معاوية بن أبي سفيان

من رغد أبنائهم، وفيما يتركونه لهم ويتغاضون عنه كأنهم يجهلونه، وقد أرسل معاوية ابنه يزيد إلى بادية بني كلب أخواله؛ ليتربى بينهم على الفروسية والبلاغة العربية، ولكنه فعل ذلك كأنما يفعله قياما بما تقتضيه مراسم السلف ولم يتبعه بما هو ألزم ليزيد من ضروب التربية والرياضة على كبح الأهواء، ولا سيما الهوى الذي ينظر إلى حرمات الناس وأعراض الرعاية، فقد علق يزيد بزوجة عبد الله بن سلام (زينب بنت إسحاق)، ومرض بحبها مرضا أدنفه، فاحتال أبوه حتى عرف سر مرضه من خصيان القصر؛ فأرسل في طلب أبي هريرة وأبي الدرداء، فقال لهما: إن لي ابنة أريد زواجها ولا أرضى لها حليلا غير ابن سلام لدينه وفضله وشرفه، فانخدع ابن سلام وذهب إلى معاوية يخطب بنته، وقيل: إن معاوية وكل الأمر إلى أبي هريرة؛ ليبلغها ويستمع جوابها، فأجابته بما اتفقت عليه أبيها وقالت إنها لا تكره اختاروه، ولكنها تخشى الضرة وتشقق أن يسوقها إلى ما يغضب الله، فطلق ابن سلام زوجته واستنجز معاوية وعدہ فلواه به ونقل إليه عن أبنته أنها لا تأمن رجلا يطلق ابنة عمه وأجمل نساء عصره؟ وكأنما كان معاوية مهموما بشهوات ولده في زواج أو غير زواج، فقد حدث أبن عساكر من ترجمة خديج الخصي: «أن معاوية اشترى جارية بيضاء جميلة، فأدخلها الخصي عليه مجردة، وبيده قضيب، فجعل يهوي به على جسدها، ويقول: هذا المتاع لو كان لنا متاع، اذهب بها إلى يزيد ثم قال: ادع لي ربيعة بن عمر الجرشي - وكان فقيها فلما دخل عليه قال: إن هذه أتيت بها مجردة فرأيت منها ذاك وذاك، وإني أردت أن أبعث بها إلى يزيد، فقال الجرشي: لا تفعل يا أمير المؤمنين، فإنها لا تصلح له. فقال معاوية: نعم ما رأيت ثم وهبها لعبد الله بن مسعدة الفزاري مولى فاطمة بنت رسول الله، وكان أسود، فقال له: بيض بها ولدك مع ههه (: ++ وتعود فنقول: إن الطبري پسند هذه الأخبار إلى أصحابها، ولا يسوقها مساق التشهير؛ لأنه اتخذ من هذا الخبر دليلا على فقه معاوية، فقال: «وهذا من فقه معاوية وتحريه؛ حيث كان نظر إليها بشهوة، ولكنه استضعف نفسه عنها، فتحرج أن يهبها لولده يزيد؛ لقوله تعالى: ولا تنكوا ما گح آباؤكم من الماء ، وقد وافقه على ذلك الفقيه ربيعة بن عمر الجرشي الدمشقي . وما من تربية ليزيد تصلحه للخلافة بعد هذا «التنعيم» الذي يملي له في شهواته، وهو مقدم على رئاسة قريبة عهد بابن الخطاب بل بابن عفان، فإن الخليفة الثالث

AE

84