صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/124

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱۲۰ –

أن هنالك شيئا، وأن وراءه حقًا! فلننظر إذن في شأن تلك العداوات.

عداوات الصليبيين

لقد انتهت المسيحية في أوربا وأمريكا إلى أن تصبح راية قومية تتجمع تحتها جموعهم، لا عقيدة دينية - كما هي طبيعة المسيحية - وهم إذ يتنادون اليوم باسم حماية الحضارة المسيحية من هجوم الشيوعية عليها كما كانوا يتنادون أيام الفاشية والنازية، لا يقصدون العقيدة المسيحية كديانة، بل يقصدون الأمم المسيحية كأوطان وقوميات. والمسيحية ليست إلا ستارًا يتخذونه لاستجاشة حمية البلاد المسيحية جميعًا؛ وهذا ما يفسر الانحلال الخلقي والاجتماعي الذي يتزايد في محيط البلاد المسيحية - منافيًا لكل تعاليم المسيحية - في الوقت الذي ترتفع فيه الدعوة باسم الحضارة المسيحية!

وبهذا الوضع للمسألة لا تبدو هنالك غرابة في الجمع بين التحلل من روح المسيحية في أوربا وأمريكا، والخصومة والعداء لغير المسيحيين في البلاد الأخرى! إنه لا غرابة ولا لغز يحير الأفهام، ولكنها اللعبة الماهرة مع المغفلين والسذج من أهل الديانات الأخرى، وبخاصة أهل الإسلام ... إن الغرب يوحي لهؤلاء الغافلين، أن الدين عامل ثانوي لا قيمة له في حياتهم؛ مستشهدين بتحللهم من قيوده في مجتمعاتهم؛ فينعق أصحابنا بهذه الدعوة، ويسيرون عليها، ويخربون بيوتهم بأيديهم