صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/130

صُححّت هذه الصفحة، لكنها تحتاج إلى التّحقّق.
– ۱٢٦ –

عداوات المستعمرين

يصعب الفصل بين عداء الصليبية للإسلام وعداء الاستعمار. فكلاهما يغذى الآخر ويسنده ويبرره. والإسلام عقيدة استعلاء تكافح الاستعمار حين تستيقظ في نفوس أصحابها؛ ورجعة الحكم إلى الإسلام توقظ هذه الروح بشدة، فتفسد على الاستعمار خطة الاستغلال والاستذلال.

إن الإسلام يحرم على أتباعه أن يخضعوا لأي حكم أجنبي، بل لأي تشريع لا يتفق مع شريعة الإسلام. وتلك عقبة في طريق الاستعمار كؤود. والمستعمرون ليسوا في غفلة مثقفينا الفضلاء، ولا في بلاهة حكامنا النابغين! إنهم يقيمون استمرارهم على دراسات كاملة متشعبة لكل مقومات الشعوب التي يستعمرونها؛ كي يقتلوا بذور المقاومة، أو يتفادوها أو يداروها. وقد قام الاستشراق على هذا الأساس. قام ليساعد الاستعمار من الوجهة العلمية؛ وليمد جذوره في التربية العقلية كذلك. ولكننا نحن هنا نعبد المستشرقين ببلاهة؛ ونعتقد في سذاجة أنهم رهبان العلم والمعرفة، وأنهم بعدوا عن نشأتهم الأولى، وقطعوا صلتهم بالعلة التي نشأوا منها! وبخاصة إذا موه علينا بعضهم بكلمة طيبة تقال عن ديننا وعن نبينا، كي تكون هي الطعم لتستنيم أفكارنا إلى الإيحاء في ناحية أخرى!