صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/47

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
- ٤٣ -

ولكن ما القول: إذا كان هناك نظام آخر يمنحنا الخبز الذي تمنحه لنا الشيوعية؛ ويعفينا من بشاعة الثراء الفاحش وفوارق الطبقات، ويحقق لنا مجتمعاً متوازنا لا حرمان فيه ولا افتراء.. ثم يمنحنا فى الوقت ذاته غذاء الروح، وحرية الفكر، والشعور الإنسانى الأرقى الإنسان، والحياة؟

ما القول إذا كان هنالك نظام، لا يدعنا ذيلا فى القافلة: قافلة الشيوعية أو قافلة الرأسمالية.. إنما يمنحنا مع العدالة الاجتماعية المطلقة فى الداخل، كرامة دولية عزيزة فى الخارج، ويرد إلينا اعتبارنا فى المجتمع الدولى؛ وقد يعفينا من ويلات الحرب، ويعفى الإنسانية معنا من هذا البلاء؟

ما القول إذا كان هنالك نظام يحل لنا مشكلاتها الداخلية؛ وفى الوقت ذاته لا يدعنا نقف أبدا من المائدة الإنسانية وقفة المستجدى الذليل؛ بل وقفة المساهم فى هذه المائدة، المعطى ما عنده، وما ليس بالقليل؟

إننى لأعجب كيف يمكن الإنسان أن ينأى بنفسه عن موقف الكرامة إلى موقف الذلة؛ وعن دور المعطى إلى دور المستجدى؛ وعن مركز القيادة إلى موقف التبعية، وهو قادر على الاختيار، لو قاوم فى ضميره شعور الاضطرار!