صفحة:معركة الإسلام والرأسمالية (1952) - سيد قطب.pdf/78

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
– ٧٤ –

وليس له أن يتدخل فى الحياة المدنية.. فرددنا كالببغاوات الفارغة الدماغ هذا الذى سمعناه!

نعم! الدين علاقة ما بين الفرد وربه فى المسيحية، ولأوربا عذرها فى هذا، لأن دينها لم يبين لها كيف يتدخل فى الحياة المدنية، وحين تدخل آباء الكنيسة فى تلك الحياة تدخلوا لصالح أنفسهم، وبوحى هذه المصالح، لا بوحى من المسيحية التى لم تتضمن شيئاً عن الحياة المدنية. فلما ثقلت وطأة الكنيسة ورجالها على الناس، وتحولت إلى سلطة دكتاتورية، تتخذ من الدين ستاراً لمطامعها الدنيوية.. نفض الناس هذا السلطان عن رقابهم، ووقفوا الكنيسة ورجالها عند حدهم الذى جعلته لهم الديانة ذاتها أى عند أعتاب الكنيسة.

فأما الإسلام قد أنشأ مجتمعاً محكوماً بشرائعه والتى يمكن الرجوع إليها هى ذاتها لوقف كل طغيان لمن قد يسمون أنفسهم «رجال الدين» حين يتشبهون رجال الكنيسة، ويحاولون اكتساب سلطة دينية!

ومع وضوح هذه الحقائق، وبساطتها، نجد فى جيل الأقزام الذى نعيش فيه من يحاول أن يبدو للناس مثقفاً جداً! فينعق بفصل الدولة عن الدين! لأن الدين يجب أن يتدير شؤون الروح، ويدع الحياة للقوانين الأرضية!

وفى فترات الانحطاط تبدو فى الشعوب العريقة قزامة عجيبة وضآلة.