وقولنا: لا يمكن أن يكون إلا كذا يُخرِج الشكَّ والظنَّ والوهم.
وقولنا: مطابقًا للواقع يُخرِج الجهل.
وقولنا: غير ممكن الزوال يُخرِج التقليد.
وبقي التعريف صادقًا على اليقين وحدهُ.
ثم اعلم أن البرهان قسمان:
أحدهما لمِّيٌّ: وهو ما كان الحدُّ الأوسط فيهِ علةً لنسبة الأكبر إلى الأصغر، في الذهن والخارج، كقولنا: زيدٌ متعفّن الأَخلاط، وكل متعفن الأخلاط محموم، فزيدٌ محموم.
فتعفُّن الأَخلاط علةٌ لثبوت الحُمَّى لزيد في الذهن والخارج.
وإنما سُمِّي لمِّيًا، لإفادته اللِمِّيَّة - أي العلة - إذ يجاب بهِ السؤَال بِلَم كان كذا فهو منسوبٌ للِم.
وثانيهما إِنّيٌّ: وهو ما كان الحدُّ الأوسط فيهِ علَّةً للنسبة المذكورة في الذهن لا في الخارج كقولنا: زيدٌ محموم، وكل محموم متعفّن الأَخلاط، فزيدٌ متعفن الأخلاط.
فالحمَّى علَّةٌ لثبوت تعفن الأخلاط لزيد في الذهن لا في الخارج، بل الأمر بالعكس في الخارج، إذا لتعفن علَّةٌ للحمَّى.