صفحة:نحن ورومة والفاتيكان (الطبعة الأولى).pdf/10

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

والرعايا بوحدة «الكنيسة». فالمؤمنون ما فتئوا منذ اللحظة الأولى يعيشون ليسوع ويموتون له (رومية ٨:١٤) وينتظمون كنيسة واحدة هي جسده وهو رأسها (كولوسي ١٨:١) ويترنمون مع بولس أينما كانوا وحيثما حلوا (كورنثوس أولی ١۲:۱۲-١٤) قائلين: «لأنه كما أن الجسد واحد وله أعضاء كثيرة وجميع أعضاء الجسد مع كونها كثيرة إنما هي جسد واحد كذلك المسيح أيضاً. فإنا جميعاً اعتمدنا بروح واحد لجسد واحد يهوداً كنا أم يونانيين عبيداً أم أحراراً وجميعنا سقينا روحاً واحداً».

وتميزت بعض كنائس الكنيسة في هذا الدور الأول على سواها بميزات معينة فأفضت عليها شيئاً من النفوذ لم يكن لغيرها. فالسيـد نفسه أسس كنيسة أوروشليم وجميع الرسل عملوا فيها ويعقوب أخو الرب تولي أمورها في عهـد الرسل وفيها عقد أول المجامع. ولا تزال هي وحدها قبلة أنظار المؤمنين في جميع أقطار العالم. ومما تجدر الإشارة إليه أن أفسابيوس المؤرخ أسقف قيصرية فلسطين (+ ٣٤٠) ظل يعتبرها «الكنيسة» منذ ظهورها حتى أيامه. فأسقفها في نظره كان أسقف «الكنيسة». أما أساقفة أنطاكية والإسكندرية ورومة فإنهم كانوا أساقفة «كنيسة الأنطاكيين» أو « كنيسة الإسكندريين» أو «كنيسة الرومانيين». ويلاحظ هنا أن الأب غوستاف باردي أساء الترجمـة فجعل أفسابيوس يقول أن فلاناً أصبح أسقف كنيسة أوروشليم بدلاً من القول مع أن فلاناً كان أسقفاً «على الكنيسة في أوروشليم»1.

وكنيسة أنطاكية كانت كنيسة عاصمة ولاية الشرق وأكبر مدنه وأهمها فكان من الطبيعي جداً أن يتولى الأسقفية فيها كبار الرجال وأن يستعين غيرهم من أساقفة الولاية بهم في حل مشاكلهم ومشاكل المؤمنين مع الحكومة والحكام. وكان من الطبيعي أيضاً أن تزداد أهمية هذه الكنيسة بعد خراب أوروشليم وتشتت أبنائها في السنة ٧٠ وأن تصبح مركزاً رئيسياً لحركة التبشير ونقطة انطلاقها.


  1. Bardy, G., (Sources Chrétiennes) Eusébe de Césarée, 1. 40, 49, 85, 95, 96, 125, 143, 144, 164, etc.
- ١٠ -