صفحة:نحن ورومة والفاتيكان (الطبعة الأولى).pdf/14

تم التّحقّق من هذه الصفحة.
كنيسَةٌ رَسْميَّة
الإمبراطور قسطنطين الكبير
الإمبراطور قسطنطين الكبير

وكان ما كان من أمر تقهقر رومـة الداخلي ومن أزمات القرن الثالث التي حلت بها ومن هجمات القبائل البربرية عند الحدود ومطامع دولة الساسانيين الفتية فرأى غلاريوس الإمبراطور أن يكسب عطف المسيحيين وولاءهم فأصدر قبيل وفاته السنة ٣١١ براءة صفح فيها عما سلف للمسيحيين من مخالفات لأوامر الدولة وأقر حقهم الشرعي في ممارسة دينهم. ورأى قسطنطين ما رأى واعتبر وشعر أنه فاز بعطف إله النصارى فشدد في تنفيذ براءة غلاريوس وساوى بين النصارى وبين الوثنيين في الحقوق والواجبات. فأصبحت الكنيسة مؤسسة شرعيـة واضطرت أن تندمج في نظام الدولة وتنسجم معها.

وكان الإمبراطور الوثني يجمع في شخصه السيادتين المدنية والدينية فيحمل بالاضافة إلى ألقابه الرسمية العديدة لقب الحبر الأعظم. فلما أصبحت الكنيسة مؤسسة شرعية أصبح هو بطبيعة الحال رئيسها القانوني. وكان لعطف قسطنطين على الكنيسة وقع عظيم في جميع الأوساط النصرانية فاشتد الحراس له وعظمت الثقة به فهرع أفسابيوس الأسقف المؤرخ إلى تنصير «الحبرية الوثنية العظمى» في الخطبة التي أعدها لمناسبة الاحتفال بمرور ثلاثين سنة على جلوس قسطنطين1. واستعان أفسابيوس فيما يظهر بمخلفات الفيلسوف الهليني ذيوتوغينس فاطلع على مصنفه «الفسليفس»2 وجعل من الحكومة الأرضية صورة للحكومة السماوية وقال بإله واحد في السماء وحاكم واحـد على الأرض وبقانون واحد في السماء


  1. Eusebius, Triakontaeterikos, ed. Heikel; Baynes, N. II., Ensebius and the Christian Empire (Mélanges Bidez), 1933, 13 - 18.
  2. Diotogenes, Peri Basileias; Delalle, L., Les Traitées de la Royauté d'Ecphante, Diologene et Sthenidas, 1942.
- ١٤ -