صفحة:نحن ورومة والفاتيكان (الطبعة الأولى).pdf/30

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

خرجوا على القول بإمبراطورية واحدة وأغضبوا البلاط الشرقي فالمقر البطريركي المسكوني ومهدوا السبيل لانشقاق أليم لا نزال نشكو منه حتى ساعتنا هذه.

ولم يدم عهد هذه الإمبراطورية الرومانية الغربية الجديدة. فإن خلفاء كارلوس كانوا من صغار الرجال، فلما دالت دولتهم وتجزأت إمبراطوريتهم واضطربت أحوال إيطالية والتجأ البابا يوحنا الثاني عشر إلى أوتون الأول ملك ألمانية نادى به إمبراطوراً رومانياً مقدساً في كاتدرائيته في رومة في الثاني من شباط سنة ٩٦٢ فجدد بذلك تجزئة الوحدة وأثبت ابتعاده عن الشرق وانتماءه إلى الغرب ودامت هذه «الإمبراطورية الرومانية المقدسة» في الغرب قروناً طوالاً حالَّة محل الإمبراطورية الرومانية الشرقية الشرعية مناوئة لها مهددة في بعض الأحيان.

وأدى امتعاض رومة القديمة من امتناع الكنائس الشرقية عن الاعتراف برئاستها ومن قلـة اكتراث الحكومة الإمبراطورية الشرقية لمطالبها التقليدية إلى ظهور وثيقة مزورة في الأوساط الكنسية الغربية في هذه الفترة وإلى استعمالها والاحتجاج بها لتأييد الرئاسة الكنسية العليا كما فهمتها رومة القديمة. والإشارة هنا إلى منحة قسطنطين «Donatio Constantini» وتنص هذه المنحة على أن الإمبراطور قسطنطين الكبير منح البابا سلبستروس الأول (٣١٤ - ٣٣٥) التقدم الفعلي على أساقفة أنطاكية والقسطنطينية والإسكندرية وأوروشليم والسلطة الزمنية على رومة وكل إيطالية وجميع الولايات والمدن الغربية وانه أقام بابا رومة قاضياً أعلى على جميع الإكليروس وأنه قدم له التاج الإمبراطوري ولكن سلبستروس أبى وامتنع1. ودخلت هذه الوثيقة المزورة في نصوص القوانين الكنسية الغربية وظلت محترمة حتى شك في صحتها الكردينال الفيلسوف الألماني نيقولاوس الكوسي (١٤٠٠ - ١٤٦٤) والأسقف رينولدوس بيكوك (۱۳۹۳ - ١٤٦٣) والأب لورنزو فالا (١٤٠٦ - ١٤٥٧). ويجمع اليوم علمـاء الأوساط الكاثوليكية والبروتستانتية والأرثوذكسية على تزوير هذه الوثيقة وعلى وقوع هذا التزوير إما


  1. Schonegger, A., Die Kirchenpolitische Bedeutung des Constitum Constantini, Zeit. Kath. Th.. 1918, 327-371: Buchner, M., Lex. Theol. Kirche, 1934, VI, Caols. 166 168; Leclercq, H., Dict. Arch. Chrét. Lit., III, Cols. 2676 - 2683.
– ٣٠ -