صفحة:نحن ورومة والفاتيكان (الطبعة الأولى).pdf/44

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

إسحق الضرير في عرش القسطنطينية1 فغضب الإمبراطور وقال إن السلطة الإمبراطورية أعلى من السلطة الروحية2 ومضى إنوشنتش في الدعوة إلى حملة صليبية رابعة فأعرض عنها فيليبوس ملك فرنسة ولم يعرها يوحنا ملك إنكلترة اهتمامه. ولم يتطوع لها من الملوك سوى ملك المجر والدوج هنريكوس دندولوا رئيس البندقية. وكان دندولوا أبعد الناس عن الروحيات ولم ير في الحملة الرابعة المقترحة سوى وسيلة لتوسيع نفوذ حكومته في الشرق وضمان الأرباح التجارية وكان داهية دهماء وكان لدولته ما لم يكن لغيرها من السفن والمال. فاتجه الصليبيون شطر القسطنطينية عاصمة النصرانية في الشرق وحاربوها باسم الصليب ودخولها في السنة ١٢٠٤ وانتهكوا حرمة كنائسها ونهبوا ذخائرها وجواهرها وحطموا مذابحها الثمينة ودنسوا هياكلها وجاءوا براقصة وأجلسوها على كتدرا الحكمة المقدسة. وأقاموا بطريركاً لاتينيـاً على القسطنطينية وإمبراطورا لاتينياً أيضاً يدعى بلدوين. وكتب هــذا إلى إنوشنتش معلنـاً ارتقاءه عرش القسطنطينية «بنعمة الله»! فأجابه بابا رومة مبتهجاً للأعجوبة التي تمت لتمجيد اسم المسيح وإعلاء شأن العرش الرسولي وتعظيم الشعب المسيحي»!3 وكتب هذا البابا نفسه ثانية فقال: «لقد سرنا بكل تأكيد رجوع القسطنطينية إلى طاعة أمها الكنيسة الكاثوليكية المقدسة ولكننا نسر أكثر إذا عادت أوروشليم إلى سلطة الشعب المسيحي»4. ومما قاله أيضاً عن سقوط القسطنطينية إن هـذا السقوط يسهل استرجاع الأراضي المقدسة من يد غير المؤمنين5.

وحزّ هذا الهجوم والتهجم باسم المسيح في صدور حكام الروم ورؤسائهم وجمهور شعبهم ولا سيما وأنه نال موافقة بابا رومـة وبركته. فأوغر الصدور وأضرم الغيظ ونغل القلوب وجعل من كنيسة رومـة خصماً كاشحاً وعدواً


  1. Epistolae V, 122; P. L. Vol. 214, Cols. 1123 1124.
  2. Ibid., Cols. 1082 - 1083.
  3. Tafel und Thomas, Urkunden zur Altern Handels und Staatsgeschichte I, 502, 516 517.
  4. P. L., Vol. 215, Cols, 957 958; Epist. IX, 139.
  5. Epist, VII, 153; P. L., Vol. 215, Col., 455.
– ٤٤ -