صفحة:نحن ورومة والفاتيكان (الطبعة الأولى).pdf/55

تم التّحقّق من هذه الصفحة.

وجعل من الروم والموارنة صفاً واحداً في الدفاع عن الإيمان والتقليد وحرية المعتقد. فلما دخلت رومة في دور التوسع فبسط السلطة وهدفت إلى إدخال الطوائف المسيحية الشرقية في طاعتها ووكلت ذلك إلى رهبانها الغربيين اللاتينيين تذرع هؤلاء بتعليم الصغار وتطبيب الكبار وما شاكل ذلك وألقـوا بذور تعاليمهم بواسطة سر الاعتراف. فلم يطلبوا من السذج وجمهور المؤمنين ذوي الإيمان القويم سوى إیمان آبائهم وقرارات مجامعهم. ولكنهم صارحوا المثقفين في ظروف معينة وأوجبوا رجوعهم عن الخطأ. وإليك ما كتبه أحد الآباء اليسوعيين في السنة ١٦٥٠ عن طريقتهم في اجتذاب النفوس:

«عندما يأتي أرثوذكسي ليعترف عندنا نسأله إذا كان يؤمن بما علم به الآباء اليونانيون باسيليوس وأثناسيوس وغريغوريوس والذهبي الفم والدمشقي فيجيب نعم. فنسأله ما إذا كان لا ينبذ ويلعن كل تعليم لا يتفق وما علَّم به هؤلاء الآباء القديسون فيجيب نعم. ولما كان دستور إيمانهم لا يختلف عن دستور إيماننا إلا بالكلمة «والابن» ولما كنا نحن نعتبر هذه الكلمة مجرد تفسير للدستور فإننا نسأله ما إذا كان لا يفهم الدستور كما فهمه آباء الكنيسة والمجامع المقدسة (!!) فيجيب نعم. وعندئذ يتلو الدستور ونحله. وجميع الأرثوذكسيين الأذكياء المتعقلين يعترفون بتقدم البابا لأنهم يقرأون في كتبهم كيف التجأ الذهبي الفم في أثناء محنته إلى البابا وكيف أعاده البابا إلى كرسيه (!!) مهدداً الإمبراطور والإمبراطورة بالحرم. ويستنتجون عندئذ أن الأرثوذكسيين والإمبراطور نفسه خضعوا (!!) في عهد الذهبي الفم إلى البابا»1.

ولسنا ممن يغمط فضل الرهبانية اليسوعية في حقول التعليم والتهذيب وعمل الخير في هذه البلاد ولا ممن يجهل أفرادها الأفاضل وبينهم التقي الطاهر والعالم الفاضل والعامل الغيور في حقل الرب. ولكننا لا نرى في الكثلكة التي قاموا بها آنئذ حلاً لمشكلة الانشقاق بل علة عللها في العصور الحديثة.


  1. Les Jesuites dans le Levant Vers 1650, l'Unite de l'Eglise, (1934), 64 Musset, H., Hist. du Christ., II, 131 - 133.
– ٥٥ -