صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/11

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

غرض مقصود لما فيه من الدلالة على توفق الأنثى إلى إغواء أقوى الذكور. ومن البداهات الفطرية أن تتظاهر المرأة بالألم والانكسار في استجابتها للنوع لأنها تفطن ببداهتها الأنثوية إلى هذا الفارق الأصيل في خصائص الجنسين.

وليس بنا أن ننظر في العدل الطبيعي بين خصائص الذكور وخصائص الإناث، وإنما نسجل هذه الحقائق بالملاحظة الصادقة والدلالة الواضحة ولا يعنينا أن ننصب لها ميزان العدل في توزيع الطبائع والملكات.

ولكننا مع هذا القول نعود فنقول: إن العدل هنا بين الجنسين غير مفقود، وإن القسمة هنا ليست بالقسمة الضيرى.

فإذا قيل: إن الحمل قد جنى على المرأة لأنه خصها بالألم وجعل الإرادة من نصيب الرجل، فلا ينبغي أن ننسى أن الحمل قد أتاح للمرأة مزية فطرية لا تتاح لزوجها على وجه اليقين. وهي ضمان نسلها بغير دخل ولا ارتياب. فكل من ولدت المرأة فهو وليدها الذي يستحق عطفها وحنانها، وليس ذلك شأن الآباء فيمن ينسب إليهم من الأبناء.

وما من أم تسأل عن ألم الحمل إلا تبين من شعورها أنها تستعذبه ولا تتبرم به، وأنها قد تشعر بغبطة من الألم لا يعرفها الرجال الذين يثورون على الآلام. ومن امتزاج الألم بطبيعة المرأة أصبحت التفرقة بين ألمها ولذتها في رعاية الأبناء من أصعب الأمور.

☆☆☆

وعلى هذا يعتز الرجل بأن يريد المرأة ولا تعتز المرأة بأن تريده.. لأن الإغواء هو محور المحاسن في النساء، والإرادة الغالبة هي محور المحاسن في الرجال.

ولهذا زودت الطبيعة المرأة بعدة الإغواء وعوضتها بها عن عدة الغلبة والعزيمة. بل جعلتها حين تغلب هي الغالبة في تحقيق مشيئة الجنسين على السواء.

ولكن التفرقة في عدة الغواية واجبة بين ما هو من صفات الجنس كله وما هو من صفات هذه المرأة أو تلك من أفراد النساء.

فقد تكون المرأة من النساء أذكى وأبرع من هذا الرجل أو ذاك، فتأخذه بالحيلة والدهاء كما يغلب الأذكياء الجهلاء في كل مجال يتصاولون فيه.

إلا أنها صفة فردية لا يقاس عليها عند بيان الصفات الجنسية التي خصت بها «المرأة» على التعميم. .