صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/13

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

لكل ظاهر يحس بالأبصار والأسماع أو يحس بالضمائر والأفهام، وفي اللغة العربية توفيقات كثيرة في الجمع بين الحقيقة المادية والحقيقة المجازية بكلمة واحدة، ومنها كلمة «التجمل» التي تفيد معنى التزين لمرأى العيون كما تفيد معنى التزين لمرأي النفوس.

ولرسوخ هذه الطبيعة الأنثوية في تكوين المرأة – شغفت بالرياء لغرض تعنيه ولغير غرض تعنيه في كثير من الأحوال كأنها وظيفة حيوية تستمتع بالمعالجة والرياضة كما تستمتع الأعضاء بالحركة والنشاط، فالغش عند المرأة – كما قلنا في رواية سارة – «كالعظمة عند فصائل الكلاب، يعضها الكلب المدلل ويدخرها حيث يعود إليها وإن شبع جوفه من اللبن واللحم والأغذية المشتهاة؛ لأن ألوفا من السنين قد ربت أسنانه وفكيه على قضم العظام وعرقها، فهو يطلبها ليجهد أسنانه وفكيه في القضم والعرق ولو لم تكن به حاجة إلى أكلها. وألوف من السنين قد غبرت على المرأة وهي تخاف وتحتال وتراوغ وترائي وتلعب بمواطن الضعف في الرجال حتى أصبح بعض النساء ممن قويت فيهن عناصر الوراثة وبرزت في طباعهن عقابيل الرجعة ينشدن الغش التذاذا به وشحذه للأسنان القديمة التي نبتت عليه، ويسرهن أن يصنعن الشيء ويخفينه ولو لم تكن بهن حاجة إلى صنعه ولا إخفائه لأن المرأة من هؤلاء تشتهى العظمة بجوع عشرين ألف سنة، وتشتهى اللحم واللبن بجوع ساعات».

☆☆☆

وقد يعين المرأة على الرجل – غير الهوى وغير الخداع - خلق آخر هو في الحقيقة خلق يعين الرجل على نفسه، وليس عمل المرأة فيه إلا من قبيل الإذكاء والتنبيه.

فالمرأة «سكن» للرجل كما جاء في القرآن الكريم.

ولا يطيب للإنسان أن يحذر من سكنه أو يتجافي عن الهدوء والطمأنينة فيه، ولا تتم سعادته به إلا أن ينفي عنه الحذر ويقبل عليه بجمع فؤاده وطوية ضميره، فهو الذي يغمض عينيه بيديه ويستنيم إلى الرقاد هربا من السهاد. ونصف ما يقبله من الخداع إنما هو الخداع الذي نسجه بيمينه وزخرفه بتلفيقه، وكذلك المرأة إذا تعلقت بالرجل كانت أسبق منه إلى التصديق وكان خداعه إياها أسهل من خداعها إياه.