صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/14

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

ومن غوايات المرأة الكبرى أنها قصبة السبق في حلبة التنافس بين الرجال.

فالظفر بها يرضى كل شعور يحيك بقلب الرجل، سواء منه ما يتناوله بإدراكه ووعيه وما ليس يدركه ولا يعيه.

وقد اختلف أصحاب المذاهب الفلسفية في تعليل نوازع الحياة التي تفسر بها أعمال الناس وترد إليها. فقال بعضهم إنها طلب القوة، وقال غيرهم إنها طلب البقاء، وزعم غير هؤلاء وهؤلاء أنها طلب اللذة، وجاء آخرون في العصر الحاضر فتغلغلوا بالنوازع الجنسية وراء كل غريزة ونفذوا بها إلى كل سرداب من سراديب النفس الخفية.

وأيا كان موضع الصدق من هذه النوازع فالمرأة معها جميعا تطلق شعور القوة وشعور البقاء وشعور اللذة وتتقصى وشائج الجنس إلى جذورها الكامنة في أعرق بواطن الحياة.

وما الظن بقصبة السبق التي تستطيع أن تستدني من تشاء وتنأى عمن تشاء؟

إن المتسابقين ليتناحرون على القصبة الخرساء وهي لا تحكم لهم بشيء ولا تفاضل بين يمين ويمين، فالمرأة – تلك القصبة التي تحابي وتجافي – حرية ألا تبقى في عزيمة عادٍ بقيةً من نوازع السباق.

☆☆☆

تلك هي بعض عناصر الغواية الأنثوية التي تملكها المرأة من حيث تـدرى ولا تدرى.

وكذلك تنبت الثمرة الثانية ... «هذه الشجرة».

فالمرأة مزودة بوسائل الغواية، موكلة بالمخالفة والامتناع. هي تغوى لأنها ينبغي أن تراد، ولا ينبغي أن تريد.

وهي تشتهى المخالفة لأنها تؤمر وتنهى، أو لأنها رهينة بإرادة الآخرين.

وهذا وذاك ثمرتان على شجرة واحدة... هي «هذه الشجرة».