صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/15

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

جمال المرأة

ما الجمال؟

الجمال كما بيناه في غير هذا الكتاب هو الحرية.

وليس بنا في هذا الكتاب أن نتوسع في شرح معاني الجمال من الوجهة الفلسفية ولا من الوجهة العلمية، لأن هذا التوسع يخرج بنا إلى آفاق «ما وراء الطبيعة» وينتهي بنا إلى التنكير والتجهيل بدلا من التعريف والتقريب.

فحسبنا من توضيح الصلات بين الجمال والحرية ملاحظة وجيزة تغنى عن كثير، ولا غنى عنها للتمهيد إلى معرفة الجمال كما يتجلى في وظائف الأعضاء، أو كما يتجلى في المرأة على التخصيص.

فمن المتفق عليه أننا لا نعرف شعورا إنسانيا يناقض الشعور بالجمال كما يناقضه الشعور بالحرج والامتناع، واحتباس الفكر والخاطر والإحساس.

ولا نعرف شعورا إنسانيا يوافق الشعور بالجمال كما يوافقه الشعور بالانطلاق والاسترسال، واطراد الفكر والخاطر والإحساس.

فلا يكون الجمال أبدا في معناه بعيدا من الحرية.

ولا تكون الحرية أبدا في معناها بعيدة من الجمال.

وقد تقارب الموضوع من الطرف الآخر إذا ذكرنا أن الحرية المقصودة هنا هي نقيض الفوضى، كما أن الجمال نقيض الاضطراب والاختلاط، فالحرية تستلزم الاختيار والمشيئة.

وليس للفوضى اختيار ولا مشيئة ولا غاية.

وهذا التباين بين الجمال والفوضى من طرف، وبين الجمال والحجر من الطرف الآخر – هو الذي يرجع بنا إلى التوحيد بين الجمال والحرية، لأن الحرية كذلك تناقض الحجر وتناقض الفوضى.

☆☆☆

ونزيد الأمر توضيحا فنقول: إن الحرية التي تمثل الجمال هي الحرية المقرونة بالأوزان والقوانين.