صفحة:هذه الشجرة - عباس محمود العقاد.djvu/46

تحتاج هذه الصفحة إلى تصحيح.

الممثل بين بعدها، فيبلغ العجب أشده بمن يراقبها أن يراها تنتقل بين أطوارها كما ينتقل أدواره ولا يخلط بينها أو لا يستبقى من سوابقها بقية في تواليها. فمن المشاهد أن الرجل إذا قضى يوما أو أسبوعا في مناداة اسم من الأسماء – ولا سيما نداء المفاجأة – أخطأ فسبق به لسانه في جلسة أخرى لا يود أن يذكره فيها، بل لعله يود أن يكتمه ولا يومئ إليه. وقلما يشاهد هذا في محادثات المرأة ولو تلاحقت بين ساعة وساعة، لأن الساعة التي هي فيها تستولى عليها فلا يزل لسانها بالإشارة إلى غيرها، ولأنها تستعين هنا بطبيعتين أصيلتين فيها، وهما طبيعة النفاق، وطبيعة الاستغراق. ولم يزل التناقض بابا من أبواب الحيرة واختلال الحساب، ولكن التناقض الذي يفهم سببه يريح من الحيرة على الأقل عند البحث عنه والتفكير فيه، وإن لم تكن به راحة من معاناة النقائض وابتلاء متاعبها، ولا عتب في معظمها على المرأة لأنها لا تقصدها كلما لجأت إليها، وقد تكون هي ضحية من ضحاياها. ٤٦